مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٧٣
الصلاة الذي عرفت ان القول بوجوبه تعبدا كفضلات غير المأكول لو لم ينعقد الاجماع على خلافه لا يخلو عن وجه والله العالم واما عرق الإبل الجلالة فعن جملة من القدماء القول بنجاسته بل لعله كان مشهورا بينهم كما صرح به بعض ويشهد له بعض عبائرهم الآتية فعن المفيد في المقنعة أنه قال يغسل الثوب عن عرق الإبل الجلالة إذا اصابه كما يغسل من ساير النجاسات وعن الشيخ في النهاية نحوه فقال إذا أصاب الثوب عرق الإبل الجلالة وجبت عليه ازالته وعن القاضي موافقتهما في ذلك وعن ابن زهرة والحق أصحابنا بالنجاسات عرق الإبل الجلالة وعن سلار وعرق جلال الإبل أوجب أصحابنا ازالته وهو عندي ندب ووافقهم غير واحد من متأخري المتأخرين خلافا للحلي والمصنف والعلامة في كثير من كتبه وعامة المتأخرين عدا قليل منهم على ما حكى عنهم للأصل والعمومات الدالة على طهارة فضلات سائر الحيوانات وأسئارها عدا ما استثنى المعتضدة بخلو ما ورد في كيفية استبرائها عن الامر بالتجنب عن عرقها وغير ذلك من المناسبات والدعاوى التي ادعاها بعض من قال بطهارته مما لا يرجع إلى دليل يعتد به صالح لمعارضة حسنة حفص بن البختري بل مصححته عن أبي عبد الله (ع) قال لا تشرب من البان الإبل الجلالة وان أصابك شئ من عرقها فاغسله ومرسلة الفقيه نهى عن ركوب الجلالات وشرب ألبانها وان أصابك من عرقها فاغسله وصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام لا تأكلوا الحوم الجلالة وان أصابك من عرقها فاغسله وقد يناقش في دلالة الصحيحة كسابقتها بان ظاهرهما عدم اختصاص الحكم بالإبل ولا قائل به عدا ما حكى عن شاذ لا يعبأ به في مقابلة الأصحاب وحملها على إرادة العهد ليس بأولى من حملها على الاستحباب الذي مجاز شايع قد يقال بمساواته للحقيقة وفيه ان استكشاف إرادة العهد من فتوى القدماء أقرب إلى الاعتبار من جعل الشهرة المتأخرة قرينة لإرادة الاستحباب خصوصا بناء على ما هو التحقيق من عدم ظهور المفرد المعرف في العموم الا بقاعدة الحكمة المتوقف جريانها على احراز عدم شيوع إرادة قسم منه حين الاطلاق وعدم معهوديته لديهم ولو بأصالة العدم ولا يخفى ان فتوى القدماء المعتضدة بوقوع التصريح بذكر الإبل في الحسنة امارة ظنية على ارادتها فيشكل معها الاعتماد على اصالة عدم المعهودية والشيوع لاحراز شرط الاطلاق الذي هو من اجزاء المقتضى للظهور خصوصا مع استلزامه اما مخالفته المشهور أو حمل الامر على الاستحباب الموقوف على احراز قرينة مانعة من إرادة الوجوب والحاصل ان رفع اليد عن اصالة الاطلاق لدى احتمال إرادة العهد أهون من سائر التصرفات كما تقرر في محله بل قد يقال بان وجود القدر المتيقن ارادته من المطلق كما فيما نحن فيه بنفسه مانع من جريان قاعدة الحكمة المقتضية للحمل على العموم وهذا وان لا يخلو عن نظر بل منع لكن لافى مثل المقام المستلزم لحمله على العموم تصرفا اخر أو مخالفة المشهور ثم لو سلم أولوية ابقاء الصحيحة على العموم وحملها على الاستحباب من الاخذ بظاهرها بالنسبة إلى القدر المتيقن ارادته منها كفى دليلا لنجاسة عرق الإبل الحسنة المتقدمة وإرادة الاستحباب من الصحيحة بناء على عمومها لا تصلح قرينة لصرف الحسنة عن ظاهرها فإنها أخص مطلقا من الصحيحة فيخصص بها عمومها هذا مع أن القرينة المانعة من ابقاء الصحيحة على ظاهرها من الوجوب لا تصلح معينة لإرادة خصوص الاستحباب فلتحمل على إرادة القدر المشترك جمعا بينها وبين الحسنة فظهر بما ذكرنا ان القول بالنجاسة هو الأظهر بل لا ينبغي ترك الاحتياط في عرق سائر الحيوانات الجلالة أيضا وان كان الأقوى طهارته والله العالم واما المسوخ فقد تقدم نقل الخلاف فيه عند التعرض لحكم الثعلب والأرنب والفارة والوزغة وعرفت ان الأظهر هو الطهارة عينا ولعابا وسؤرا في ساير صنوف الحيوانات عدا الكلب والخنزير وما عدا ذلك من جميع ما ذكر من النجاسات العينية فليس بنجس وقد حكى عن ابن الجنيد وحمزة وظاهر الصدوقين القول بنجاسة لبن الصبية لرواية السكوني عن جعفر عن أبيه ان عليا (ع) قال لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب قبل ان تطعم لأن لبنها يخرج من مثانة أمها ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب ولا بوله قبل ان يطعم لأن لبن الغلام يخرج من العضدين والمنكبين وعن الفقه الرضوي بعد أن أفتى بخلاف ما في هذه الرواية روايتها مرسلة عن أمير المؤمنين عليه السلام و * (فيه) * مالا يخفى من عدم صلاحية مثل هذه الرواية الضعيفة مع اعراض الأصحاب عن ظاهرها واشعار ما فيها من التعليل بصدورها تقية لاثبات ما فيها من الاحكام المخالفة للأصول والعمومات وقد تقدم بعض الكلام فيه في بول الصبي ولولا اشتمالها على التسوية بين بولي الصبي والصبية ولبنيهما مما لا نقول به لكان حملها على استحباب غسل الثوب من لبن الصبية كما عن جمع من الأصحاب حملها عليه وجيها من باب المسامحة فالأوجه رد علمها إلى أهله والله العالم وعن المصنف التردد في طهارة الدود ونحوه المتولد من العذرة نظرا إلى استصحاب نجاسته السابقة وفيه مالا يخفى بعد تبدل الموضوع وربما يستدل لطهارته مضافا إلى الأصل والعمومات الدالة على طهارة ما لا نفس له وما دل على طهارة ميتة المستلزم لطهارته حيا ببعض التقريبات المتقدمة في محلها بخصوص خبر علي بن جعفر (ع) انه سئل أخاه عن الدود يقع من الكنيف على الثوب أيصلي فيه قال لا بأس الا ان ترى فيه اثرا فتغسله وفيه نظر فإنه على تقدير عدم اشتماله على رطوبة تنتقل منه إلى الثوب كما هو المفروض في مورد نفى البأس عنه لم ينجس الثوب سواء كان الدود طاهر أم نجسا وفرض كون الثوب مشتملا على رطوبة مسرية خلاف ما ينسبق إلى الذهن ارادته من مورد السؤال فلا يعمه اطلاق الجواب وكيف كان فحال المسألة أوضح من دلالة هذه الرواية على حكمها وعن الفاضلين التردد في الصديد وكأنه نشاء من الجهل بحقيقته عرفا فان
(٥٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 568 569 570 571 572 573 574 575 576 577 578 ... » »»