صانع مثله واجب الوجود فهو مشرك وان زعم حدوث عوارضه المشخصة ولكنه اعتقد حلول الله جلت عظمته فيه واتحاده معه وتصوره بهذه الصورة كما قد يتصور الملائكة والجن بصورة البشر فهو منكر لما قد ثبت بالضرورة من الشرع من أن الله تبارك وتعالى اجل وأعظم من أن يصير بشرا يأكل وينام ويمشي في الأسواق واما بناء على تفسير الغالي بما تجاوز الحد في الأنبياء أو الأئمة عليهم السلام كما حكى عن القميين من الطعن في الرجال برميهم بالغلو بمجرد ذلك حتى أنه حكى الصدوق عن شيخه ابن الوليد أنه قال إن أول درجة في الغلو نفى السهو عن النبي صلى الله عليه وآله فليس بكافر قطعا فلا وجه لتكفير من يقول بان النبي والأئمة (ع) مظاهر أوصاف الباري جلت عظمته على سبيل الاطلاق وان أزمة امر الخلايق تكوينا وتشريعا بأيديهم فهم خالقو الخلق ورازقوهم وان علمهم بالأشياء حضوري بحيث لا يشغلهم شأن عن شأن إلى غير ذلك مما يقوله بعض من يدعى المعرفة بمثل هذه الأمور فان غاية الأمر كون مثل هذه الدعاوى كذبا كما لو ادعى ثبوت شئ من هذه الأوصاف لزيد المعلوم بالضرورة عدم اتصافه به فضلا عما لو ادعاها في حق النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام (ع) الذي قد يساعده على مدعاه بعض الشواهد النقلية بل بعض القواعد العقلية أيضا بعد البناء على كونه اشرف الموجودات كما لعله المتسالم عليه لدى الشيعة خصوصا بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وآله فإنه لا يبعد ان يكون بالنسبة إليه من ضروريات المذهب وان لم نتحقق حال شئ من الشواهد النقلية والعقلية بل ليس لنا ذلك لأن النقليات متعارضة ولا يمكننا الوصول إلى حقايقها والجمع بين متنافياتها على وجه يحصل القطع بإصابة الواقع والقاعدة العقلية التي تقدمت الإشارة إليها بعد تسليمها انما يتم الاستدلال بها بعد احراز امكان اتصاف البشر بمثل هذه الأوصاف وخلوصه عن جهة موجبة لاستحالته ولا سبيل لنا إلى ذلك * (فالأولى) * رد علم مثل هذه الأمور إلى أهل بيت الوحي الذين هم حفظة سر الله وخزنة علمه وتصديقهم اجمالا في جميع ما يدعون فإنه مع كونه أحوط أوفق بحفظ مراتبهم ومرتبتنا وأولى برعاية الأدب * (وكيف) * كان فلا يوجب اثبات شئ من أوصاف الرب جلت عظمته لشئ من مخلوقاته الخروج من حد الاسلام بعد الاعتراف بكون الموصوف بتلك الصفة من مخلوقاته نعم لو سلبها عن الرب مع كونها ضرورية الثبوت كالخالقية والرازقية ونحوهما كفر لذلك ما لم يكن عن شبهة أو مطلقا على الخلاف فيه لكن مجرد اثباتها لشخص لا يوجب سلبها عن الله [تع] الا ترى انه يصح نسبة الإماتة إلى ملك الموت وقسمة الأرزاق مثلا إلى ميكائيل ونسبة الاعطاء والرزق إلى من ينفق عليك مع أن الله تعالى هو المحيي والمميت والخالق والرازق فلا تنافى بين النسبتين نعم ربما يتوهم ان اثبات صفة العالمية بالغيب ونحوها من الأوصاف التي دلت الكتاب والسنة على اختصاصها بالله * (تع) * انكار للضروري ويدفعه عدم كون إرادة ظواهر ما دل عليه من الكتاب والسنة على سبيل العموم والاطلاق ضرورية بل ربما تكون ضرورية الخلاف فليس ادعاء استثناء فرد منها انكار للضروري * (ومنهم المجسمة) * فقد حكى عن الشيخ وجماعة ممن تأخر عنه الحكم بكفرهم مطلقا وعن بعضهم التفصيل بين المجسمة حقيقة وبين القائل بأنه جسم لا كالأجسام فيسلب عنه كل ما هو من لوازم الجسمية من الحاجة و الحدوث * (واستدل) * لكفرهم بانكار الضروري لأن من لوازم الجسمية الحدوث ونوقش فيه بعدم التزام القائل بهذا اللازم والمدار في التكفير على التزامه به لاعلى الملازمة الواقعية وقد يقال بان اثبات وصف الجسمية لله تعالى في حد ذاته مخالف للضرورة * (وفيه) * منع ظاهر خصوصا مع مساعدة بعض ظواهر الكتاب والسنة عليه مثل قوله [تع] الرحمن على العرش استوى وقوله [تع] فكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى وغيرهما مما يظهر منه امكان التقرب إليه [تع] وتعلق الرؤية به مما لا تحصى وقد يستدل لكفرهم بما روى عن الرضا (ع) من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر بناء على أن المجسمة من المشبهة لأنهم على ما عن فوايد العقايد وشرحه الذين يقولون إن الله [تع] في جهة الفوق ويمكن ان يرى كما ترى للأجسام فالتجسم غير خارج من التشبيه ولا يبعد ان يكون المراد بالتشبيه مطلق تنظيره بالأجسام في تحديده بمكان أو زمان فيكون مساوقا للتجسيم فعلى هذا اظهر في المدعى لكن يتوجه عليه عدم صلاحية مثل هذه الرواية الضعيفة التي لم يستند إليها الأصحاب في فتواهم لتقييد الأخبار الكثيرة الواردة في تحديد الاسلام والايمان الخالية عن اعتبار نفى التجسيم وربما يوجه الرواية بحملها على ما إذا كان القائل عالما بالملازمة بين الجسمية والحدوث وفيه بعد والأولى حملها على بعض مراتب الكفر الذي لا ينافي الاسلام الظاهري بل الايمان الناقص كيف وكثير من العوام بل أكثرهم لا يمكنهم تنزيه الرب عن العلايق الجسمانية حيث لا يتعقلون بواسطة قصورهم مؤثرا في العالم لا يكون جسما الا ترى ان انك إذا أردت ان تعرف الأطفال في مبادي بلوغهم أو قبلها ان الله [تع] منزه عن تلك العلايق مهما سلبت عنه [تع] شيئا منها يتصورون ضدها فإذا قلت إنه تعالى ليس له لسان يتخيلون انه يتكلم بالإشارة وإذا قلت إنه ليس له بصر يتصورون في أذهانهم شخصا أعمى وهكذا فإذا قلت إنه يسمع بلا سمع ويبصر بلا بصر ويتكلم بلا لسان يرونه متناقضا فالأقوى ان شيئا من مثل هذه العقايد ما لم يكن منافيا للشهادتين وتصديق النبي صلى الله عليه وآله اجمالا في جميع ما اتى به لا يوجب الكفر خصوصا إذا كان منشأ القصور * (ومنهم المجبرة) * حكى عن المبسوط القول بنجاستهم وقواه كاشف اللثام واستدل له بالرواية المتقدمة وبانكارهم لجملة من الضروريات واستلزام مذهبهم ابطال النبوات والتكاليف وفيه ما عرفته انفا من عدم امكان تقييد الأخبار الكثيرة بمثل هذه الرواية وعدم التزام بالمنكر باللوازم واستدل له أيضا بما روى
(٥٦٩)