غيره امتنع التمسك لحرمته بعد زوال وصف التبعية بعموم اية تحريم الدم لان العموم قد تخصص بالنسبة إلى هذا الفرد لخروجه من الموضوع الذي حكم بحرمته على الاطلاق وكون هذا الدم تابعا أو مستقلا من أحوال الفرد لا من افراد العام حتى يقتصر في تخصيصه على المتيقن ففي مورد الشك أعني صورة الانفصال يرجع إلى الأصول العملية وهو استصحاب الحلية ولو ناقشنا في الاستصحاب يتبدل الموضوع فإلى قاعدة الحل اللهم الا ان يدعى ان بعد الانفصال يندرج في موضوع الخبائث التي حرمها الله تعالى وقبله لا يعد منها عرفا فلا مجال حينئذ للرجوع إلى الأصول العملية لكن الدعوى غير خالية من النظر والله العالم وهل يختص الطهارة بالدم المتخلف في ذبيحة ما يؤكل لحمه أم تعم ذبيحة غير المأكول أيضا مقتضى الأصل المتقدم نجاسته في غير المأكول كما لعله هو المشهور بل عن الذخيرة والبحار وشرح الدروس وشرح المفاتيح ان الظاهر اتفاق الأصحاب عليه فلا يلتفت إلى ما يترائى من اطلاقهم القول بطهارة المتخلف مع انصرافه في حد ذاته إلى ذبيحة المأكول لكن عن بعض التردد بل الميل إلى طهارته لظهور قوله تعالى أو دما مسفوحا في حلية ما عداه وهى تدل على طهارته وقد عرفت ما فيه خصوصا في مثل الفرض الذي لا يظن بهم الالتزام بحلية حتى يفهم طهارته منها بالالتزام واضعف منه الاستدلال له بالأصل بعد منع الدليل على العموم الذي يستفاد منه نجاسة مطلق الدم لما عرفت من أن دم ذي النفس هو القدر المتيقن الذي استفيد نجاسته من الاجماع وغيره وربما يستشهد له أيضا باطلاق ما دل على طهارة الحيوان بالتذكية الشامل باطلاقه لجميع اجزائه حتى الدم مضافا إلى الحرج في الاجتناب عنه إذا أريد اخذ جلده أو انتفاع بلحمه وشحمه وغير ذلك فينتفى فائدة الطهارة وفى الكل نظر فالأقرب النجاسة وهل المتخلف في الجزء الغير المأكول من الذبيحة المأكولة طاهر أم لا ظاهر كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية طهارته لكن مقتضى استدلالهم لطهارة المتخلف بالآية بعدم شمول الحكم له لأنه غير حلال كنفس العضو لكن لا يخفى على المتأمل ان استدلالهم لمثل هذه المسائل المسلمة بمثل هذه الأدلة من باب تطبيق المدعى على الدليل لا استفادته منه حتى بتقيد بمقدار دلالته فالعبرة في مثل المقام انما هو بظهور كلماتهم في الاطلاق وكيف كان فهذا هو الأظهر لاستقرار اليسرة على عدم التجنب عن الدم المتخلف مطلقا من غير فرق بين ما تخلف في الطحال والنخاع وغيرها من الأعضاء المحرمة وبين غيره والله العالم ولا ينجس دم ما يكون خروج دمه رشحا بان لم يكن له عرق يشخب منه الدم كدم السمك وشبهه بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن جملة من الأصحاب كالسيد والشيخ وابن زهرة وابن إدريس والمصنف والعلامة والشهيدين وغيرهم الاجماع عليه نعم عن المبسوط والجمل والمراسم والوسيلة ما يوهم نجاسته والعفو عنه لكن أجاد شيخ مشايخنا المرتضى ره في تضعيفه بقوله ولا عبرة بالوهم ولا بالموهوم وكيف كان فيدل عليه مضافا إلى الاجماع عموم كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر إذ لم يثبت أصالة النجاسة في الدم على خبر يعم مثل الفرض حتى نحتاج إلى الدليل المخصص بل غاية ما ثبت انما هو في دم ذي النفس لا غير ويشهد له أيضا في مثل دم البق والبرغوث ونحوهما مما يعسر التجنب عنه مضافا إلى دليل نفى الحرج واستقرار اليسرة على عدم الاجتناب عنه مكاتبة ابن الريان المتقدمة وصحيحة ابن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول في دم البراغيث قال ليس به باس قلت إنه يكثر ويتفاحش قال وان كثر وصحيحة الحلبي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة قال لا ورواية غياث عن جعفر عن أبيه (ع) قال لا بأس بدم البراغيث والبق وبول الخشاشيف ويدل عليه في دم السمك الذي لا حرج في التجنب عنه رواية السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال إن عليا (ع) كان لا يرى باسا بدم ما لم يذك يكون في الثوب فيصلى فيه الرجل يعنى دم السمك وظاهره كون التفسير مقولا للصادق عليه السلام وعن المصنف في المعتبر الاستدلال له بأنه لو كان نجسا لتوقف إباحة اكله على سفحه كالحيوان البري انتهى فهذا يدل على حلية أيضا ولو بالتبع فضلا عن طهارته فيتم القول فيما عدا موارد النصوص بعدم القول بالفصل وربما يستدل لعموم المدعى بمفهوم قوله تعالى أو دما مسفوحا وقد عرفت ما فيه بما لا مزيد عليه وعن المنتهى الاستدلال له أيضا بان دمه ليس بأعظم من ميتة وميتته طاهرة انتهى ونوقش فيه بعدم خروجه من القياس ويمكن توجيهه بان الميتة من اجزائها الدم فلو لم يكن الموت سببا لاشتداد نجاسته لا يكون موجبا لطهارته فطهارة ميتة تدل على طهارة دمه كلحمه وعظمه وسائر اجزائه وبهذا ظهر لك امكان الاستشهاد له بما دل على طهارة الميتة من غير ذي النفس فإنها تدل على طهارة دمه بالتضمن خصوصا مثل قوله (ع) في موثقة حفص بن غياث لا يفسد الماء الا ما كانت له نفس سائلة وفى موثقة عمار التي وقع فيها السؤال عن الخنفساء والذباب والجراد والنملة وما أشبه ذلك يموت في البئر والزيت والسمن كلما ليس له دم فلا بأس إذ الغالب عدم انفكاك ما يموت في الماء ونحوه خصوصا عند تفسحه عن إصابة دمه للماء وربما يستأنس للتفصيل بين دم ذي النفس وغيره من إناطة نجاسته الميتة والبول والخرء بكونها من ذي النفس وهذا وان كان مجرد اعتبار لا يلتفت إلى مثله في الأحكام الشرعية الا انه منشأ لعدم الجزم بالغاء الخصوصية واستفادة نجاسة دم ما لا نفس له من اخبار الباب بل ربما يوجب صرف اطلاق مثل النبوي يغسل الثوب من المنى والدم والبول وكيف كان فلا اشكال في الحكم والله العالم * (فرع) *
(٥٤٣)