الدالة على طهارة الميتة من غير ذي النفس ونجاستها من ذي النفس واما العمومات الدالة على نجاسة الميتة من كل شئ مثل قوله (ع) في رواية جابر التي وقع فيها السؤال عن خابية وقعت فيها فارة ان الله حرم الميتة من كل شئ ولا يخفى على المتأمل في الجميع ان المبادر منها إرادة الحيوان الميت اللهم الا ان يستند لذلك بالاجماع ومعه لا حاجة إلى توسط هذه الأخبار فليتأمل واما الأخبار الواردة في باب الأطمعة فلا قصور في دلالتها خصوصا الأخيرين وكذا مرسلة أيوب بن نوح فان المتبادر من اطلاق الميتة في هذه الأخبار إرادة كونها بمنزلة الميتة من ذلك الحيوان الذي قطع منه القطعة وفى تفريع غسل المس في المرسلة على كونه ميتا إشارة إلى ذلك هذا مع أن ظاهر قوله (ع) في رواية الحسن اما علمت أنه يصيب الثوب واليد وكذا قوله (ع) في رواية الكاهلي لا ينتفع به كونه نجسا مضافا إلى عدم نقل الخلاف في المسألة فلا ينبغي الاستشكال فيه لكن غاية ما يمكن اثباته بهذه النصوص وفتاوى الأصحاب انما هي نجاسته الجزء المعتد به الذي ينفصل عن جسد الحي دون مثل الثبور والثالول وما يعلو الجراحات والدماميل وغيرها عند البرء وما يحصل في الأظفار ويتطائر من القشور عند الحك وما يعلو على الشفة ونحو ذلك إذ لا يكاد يستفاد نجاسة مثل هذه الأشياء من الاخبار التي اعترفنا بدلالتها على النجاسة ولم ينعقد الاجماع على نجاستها بل الاجماع على ما ادعاه بعض منعقد على عدم النجاسة ويشهد له سيرة المتشرعة إذ لم يعهد عنهم التجنب عن مثل هذه الأمور مع أن التجنب عنها ربما يؤدى إلى الحرج ولذا بعض من زعم دلالة الأدلة المتقدمة على علية زهاق روح العضو لنجاسة مطلقا استدل لطهارة مثل هذه الأشياء بالاجماع والسيرة والحرج فجعلها مخصصة للعموم لكن مقتضاه الاقتصار على القدر المتيقن من مواقع الحرج وموارد قيام السيرة والاجماع وهو فيما ينفصل عن بدن الانسان دون ساير الحيوانات واما على ما بنينا عليه من قصور الأدلة عن اثبات نجاسة هذه الأمور فيرجع في جميع موارد الشك إلى قاعدة الطهارة وحكى عن بعض التفصيل في الأمور المذكورة بين ما لو زهق روحها بالانفصال وبين ما لو انفصل بعد ان زهق روحها كما هو الغالب فحص الطهارة بالثاني لقصور الاخبار عن اثبات نجاسة العضو المتصل واستصحاب طهارته بعد الانفصال واستشكل في الأول لأجل العموم الذي استفاده من الأدلة ولم يجزم بتخصيصه والأظهر ما عرفت من الطهارة مطلقا نعم في انقطاع العضو حيا اثر في الاعتناء به عرفا فإنه قد لا يشك في اندراج قطعة جلد منسلخة من الحي في الموضوع الذي اجمعوا على نجاسته وفهم حكمه من النصوص بخلاف ما لو يبست تلك القطعة عند اتصالها بالبدن فانفصلت بعد ان برء محلها فإنها تعد حينئذ من الفضول فلا يعتد بها والله العالم وأوضح مما عرفت طهارة العضو المتصل الذي زهق روحه مثل أعضاء المفلوج ونحوه وربما استشكل بعض فيه خصوصا فيما أنتن منه وليس بشئ وان قلنا بان موت العضو علة النجاسة لان صدق الميتة أو الميت على العضو المتصل على سبيل الحقيقة ممنوع ولا دليل على التنزيل الشرعي هذا مع أن في معاملة الانسان مع عضوه المتصل ببدنه معاملة نجس العين من الحرج مالا يخفى فالعضو ما دام اتصاله بالبدن من توابعه طاهر ما دام حيوة الحيوان وينجس بموته وبالانفصال عنه حيا الا ان يكون ما ينفصل عنه حيا جزء غير معتد به مثل ما ينفصل عما حول القروح والجروح من القشور والاجزاء الصغار التي لا يعتد بها وربما يؤيد طهارة مثل هذه الاجزاء عند اتصالها وانفصالها صحيحة علي بن جعفر بل ربما يستدل لها بها عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن الرجل يكون به الثالول والجراح هل يصلح له ان يقطع الثالول وهو في صلاته أو ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح ويطرحه قال إن لم يتخوف ان يسيل الدم فلا بأس وان تخوف ان يسيل الدم فلا يفعل فان الاذن في الصلاة معها عند اتصالها والترخيص في قطعها ونتفها في الصلاة مع غلبة كونه باليد واستلزامه حملها في الصلاة ومباشرتها باليد التي ربما تشتمل على العرق من غير استفصال مع كونها مسوقة لبيان الرخصة الفعلية لا مجرد بيان عدم مانعية هذا الفعل للصلاة كما يفصح عن ذلك تعرض الإمام (ع) للتفصيل بين خوف سيلان الدم وعدمه يدل على الطهارة هذا ولكن الانصاف قصورها عن مرتبة الدلالة لشهادة سوقها بإرادة عدم مانعية هذا الفعل من حيث هو للصلاة وتنبيه الإمام (ع) في ضمن الجواب على بعض الجهات المانعة لنكتة الغلبة لا يقتضى ارادته الرخصة الفعلية على الاطلاق لكنها مع ذلك لا تخلو من تأييد والأحوط ان لم يكن أقوى هو الاجتناب عما يصدق عليه اسم اللحم عند انفصاله مطلقا والله العالم * (تنبيه) * اختلفت كلماتهم في طهارة فارة المسك المتخذة من الظبية الميتة لكن يظهر من بعض من قال بنجاستها الالتزام بطهارة ما فيها من المسك نظرا إلى اطلاق ما دل على طهارة المسك المقتضى لطهارته في الفرض وتوضيح المقام انه لا شبهة بل لا خلاف في طهارة المسك في الجملة بل عن التذكرة والمنتهى الاجماع على طهارته ويدل عليه سيرة المسلمين في استعماله بل روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحبه وعن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله ممسكة إذا هو توضأ اخذها بيده وهى رطبة فكان إذا خرج عرفوا انه رسول الله صلى الله عليه وآله برائحته لكن في طهارة شيخنا المرتضى الظاهر أن هذه المسك المتعارف هو بعض اقسامه والا فلا اشكال في نجاسة الباقي فقد ذكر في التحفة ان للمسك اقساما أربعة أحدها المسك التركي وهو دم يقذفه الظبي بطريق الحيض أو البواسير فينجمد على الأحجار الثاني الهندي ولونه اخضر دم ذبح الظبي المعجون مع روثه وكبده أو لونه أشقر وهذان ممالا اشكال
(٥٢٨)