والمروى عن الراوندي المتقدمين بأنه لم يخرج من الأرض وفيه أولا انه لا يفهم من التعليل الا المنع من كل ما لم يخرج من الأرض واما الجواز بكل ما خرج منها فلا والا لفهم منه جواز التيمم بالنباتات كلها نعم يفهم منها ان علة المنع في خصوص الرماد عدم خروجه من الأرض والا لكان حاله حال الجص والنورة لا ان علة الجواز في كل شئ منحصرة بخروجه من الأرض الا ترى انه لو قيل لا تأكل الرمان لأنه حامض لا يفهم من التعليل الا النهى عن اكل كل حامض وجواز كل الرمان ان لم يكن حامضا لا جواز اكل كل شئ ليس بحامض نعم قد ينسبق إلى الذهن فيما لو علل انتفاء الحكم بفقد صفة كما فيما نحن فيه ان وجود هذه الصفة علة لثبوت الحكم مطلقا كما أن عدمها علة للعدم لكنة انسباق بدوي منشأه عدم التفات الذهن في بادي الرأي إلى احتمال مدخلية الخصوصيات في العلية وبعد الالتفات يتوقف في الحكم فلو قيل مثلا لا تشارك زيدا فإنه ليس بأمين ولا تعطه من الزكاة شيئا فإنه ليس بفقير ربما يخطر ابتداء في الذهن كون الأمانة والفقر علة تامة لثبوت الحكمين لكن بعد الالتفات إلى أن المتكلم لم يتعرض الا لكون الانتفاء علة للانتفاء لا الوجود للوجود وان استلزمه في خصوص المورد واحتمل مدخلية بعض الخصوصيات مثل الخدامة في الأمور في العلية للحكم الأول وكونه مؤمنا في الثاني يتردد الذهن لا محالة ولا يبقى على حالة الأولى حيث لم يكن ذلك الانسباق مسببا عن دلالة معتبرة فغاية ما يفهم من التعليل فيما نحن فيه انما هو جواز التيمم برماد التراب والحجارة ونحوهما من اجزاء الأرض وسيأتي نفى البعد عنه لا جوازه بكل ما خرج منها وثانيا لو سلم ظهوره فيما ادعى للزم رفع اليد عن هذا الظاهر بعد اعراض الأصحاب عنه ومخالفته لظواهر الكتاب والسنة مع ما في الخبرين من ضعف السند * (ثم) * لا يخفى عليك ان مناط المنع من التيمم بالمعادن انما هو خروجه من مسمى الأرض عرفا لا كونه معدنا فلو فرض صدق المعدن على ما يصدق عليه اسم الأرض أيضا حقيقة كحجر الرحى وبعض انحاء الطين لو سلم كونه من مصاديق المعدن جاز التيمم به بلا تأمل والاستدلال على المنع باطلاق معاقد الاجماعات المستفيضة مخدوش بتشبث المجمعين في منعهم بخروجه من مسمى الأرض كما لا يخفى على المتتبع ولا يجوز التيمم بالرماد بلا اشكال ولا خلاف لعدم وقوع اسم الأرض عليه وقد سمعت التصريح بالمنع في الخبرين المتقدمين معللا بعدم خروجه من الأرض وخروجه من الشجر وقد أشرنا فيما تقدم إلى أن مقتضى التعليل جوازه برماد التراب والحجارة وليس بالبعيد إذ الظاهر عدم خروج اجزاء الأرض بتأثرها من النار أو حرارة الشمس وصيرورتها رمادا من كونها من اجزاء الأرض حقيقة ولا يقاس ذلك بالمعادن لوضوح الفرق بين الذهب والفضة ولنحاس والرصاص وغيرها من المعادن وبين الرماد الذي استحيل إليه التراب أو الحجارة في كون الأول أجنبيا عن الأرض متكونا منها بخلاف الثاني ولا أقل من الشك فيه الموجب لجريان الاستصحاب مضافا إلى شهادة الخبرين بذلك وتوهم مخالفته المشهور أو المجمع عليه فاسد كما لا يخفى على المتأمل وكذا لا يجوز بالنبات المنسحق الذي يشبه التراب كالأشنان والدقيق ونحوهما فضلا عن غير المنسحق منه بلا خلاف فيه لخروجه من مفهوم الأرض التي أنيط بها الحكم في الأدلة ويجوز التيمم بأرض النورة والجص اختيارا كما عن المشهور وعن مجمع البرهان انه ينبغي ان يكون لا نزاع فيه أقول وهو كذلك لو لم تكن حجرا والا فينبغي ان يمنع منهما المانعون من الحجر كما هو الغالب فيهما ولعله لذا اشترط الشيخ فيه فيما حكى عن نهايته فقد التراب وعن الحلى المنع منه للمعدنية وفيه منع كونها من المعادن عرفا مضافا إلى ما عرفت من أن المناط كونه أرضا لا عدم كونه معدنا ومن المعلوم عدم صحة سلب اسم الأرض عن ارض الجص والنورة هذا مع دلالة خبري السكوني والمروى عن الراوندي عليه بالفحوى ومفادهما جواز التيمم بعد الاحراق كما هو أحد القولين في المسألة ويدل عليه مضافا إلى ذلك استصحاب الحالة السابقة وقيل بالعدم لحصول الاستحالة وخروجها بعد الاحراق من مسمى الأرض وضعف الروايتين وفيه تأمل بل منع ولا أقل من الشك في الخروج الموجب للرجوع إلى الحالة السابقة مع أن خبر السكوني على الظاهر مما لا بأس بالعمل به ويؤيد في الجص بل يشهد له ما رواه الشيخ وابن بابويه في الصحيح عن الحسن بن المحبوب قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ثم يجصص به المسجد أيسجد عليه فكتب إلى بخطه ان الماء والنار قد طهراه فان ظاهره بمقتضى التقرير جواز السجود عليه ووجهه على الظاهر ليس الا كونه من اجزاء الأرض وعدم تحقق الاستحالة المانعة سنة والله العالم وهل يجوز التيمم بالخزف والاجر وجهان بل قولان من تحقق الاستحالة المانعة منه ومن منع ذلك ومنشأ توهم الاستحالة عروض الهيئة خاصة وانفصالهما عن الأرض والا فهما بعد الطبخ بنظر العرف ليسا الا مشوي ما كانا قبله من دون استحالة ولا أقل من الشك فيه الموجب للرجوع إلى الاستصحاب ولعل هذا هو الأقوى خصوصا في الاجر الذي يغلب على الظن بقائه على حالته الأصلية وعن ظاهر المنتهى والدروس التوقف في الخزف وعن كشف الالتباس التوقف في مطلق المشوي وعن المفاتيح انه جعل جواز الخزف بعد التراب والجص والنورة والطين والحجر ملتزما بالترتب بينها وعن المعتبر التصريح بالمنع في الخزف قال فيما حكى عنه ولا يعارض بجواز السجود عليه لأنه قد يجوز السجود على ما ليس بأرض كالكاغذ انتهى ويتوجه عليه انه لا يجوز السجود الا على الأرض أو نباتها الا ان يدل عليه الدليل بالخصوص فتسليمه في الخزف مع عدم كونه نباتا ولم يدل عليه دليل بالخصوص لا يجتمع مع القول بحصول
(٤٧٢)