مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٤٤
لو رأى بثوبه شيئا وشك في كونه دما أو غيره من الأجسام الظاهرة بنى على طهارته للأصل وكذلك لو على كونه دما وشك في كونه من ذي النفس أو من غيره وعن بعض القول بوجوب الاجتناب في هذه الصورة نظرا إلى عموم ما دل على نجاسة الدم المقتصر في تخصيصه على ما علم خروجه وباطلاق قوله (ع) في موثقة عمار فان رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب ويتوجه عليه بعد تسليم وجود العموم انه لا يجوز التمسك به في الشبهات المصداقية التي لا يوجب اندراجها في عنوان المخصص زيادة تخصيص العام بان كان الشك ناشئا من اشتباه الموضوعات الخارجية لا من اجمال مفهوم المخصص وتردده بين الأقل والأكثر فإنه لا مانع من التمسك بأصالة بالعموم في هذه الصورة وما نحن فيه من القسم الأول وقد تقرر في محله عدم التمسك في مثله بالعمومات وربما يتوهم جوازه في بعض الموارد التي تكون عنوان العام من قبيل المقتضى والمخصص من قبيل الموانع كما لو قال أكرم كل عالم الا فساقهم فشك في فسق عالم لكنه لكنه أيضا وهم نعم في مثل الفرض يستصحب عدم الفسق لو كان له حالة سابقة معلومة فيندرج بذلك في موضوع العام لا انه يتمسك لحكمه ابتداء بأصالة العموم ولذا لو كان مسبوقا بالفسق يستصحب فسقه ويحكم بعدم وجوب اكرامه فلو لم يعلم حالته السابقة ينفى التكليف بأصل البراءة واما الموثقة فهي مسوقة لبيان عدم وجوب الاجتناب عن سؤر الطير عند خلو بدنه من عين النجاسة وتخصيص الدم بالذكر لنكتة الغلبة إذ الغالب انه لا يرى في منقار الطير شئ من النجاسات عدم الدم المتخلف من الميتة التي تأكلها إذا كان مما يأكل الجيف كالعقاب والصقر والباز التي وقع السؤال عن سؤرها في الرواية فالمراد بالدم هو هذا الدم الذي يغلب اصابته لمنقار الطير الذي كان مفروغا عندهم نجاسته واما ساير الدماء فرؤيتها في منقار الطير كرؤية غيرها من النجاسات من الفروض البعيدة التي لا يتوهم ارادتها من اطلاق نفى البأس عن سؤر الطير حتى يحتاج إلى الاستثناء الذي هو في الحقيقة استدراك ولذا نفى البأس في صدر الرواية عن سؤر الحمامة على الاطلاق فإنه روى عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عما تشرب منه الحمامة فقال كل ما اكل لحمه فتوضأ من سؤره واشرب وعن ماء شرب منه بازا وصقرا وعقاب فقال كل شئ من الطير يتوضأ مما يشرب منه الا ان ترى في منقاره دما فان رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب وفى رواية الشيخ و سئل عن ماء شربت منه الدجاجة قال إن كان في منقارها قذر لم يتوضأ منه ولم يشرب وان لم يعلم أن في منقارها قذرا توضأ منه واشرب والحاصل ان المنساق إلى الذهن من الدم في الرواية ليس الا الدم كان مفروغا عندهم نجاسته ودعوى ان الغالب هو الجهل بحال الدم الذي يرى في منقار الطير فالأولى ابقاء الرواية على ظاهرها من الاطلاق وارتكاب التخصيص فيها باخراج ما علم طهارته وهو هين لندره هذا الفرض وهذا بخلاف ما لو حملناها على إرادة ما علم نجاسته فإنه تنزيل للاطلاق على الفرض النادر * (مدفوع) * أولا بمنع الغلبة بل الغالب هو الوثوق بكون ما في منقار الطير من دم فريسته أو غيرها من الجيف النجسة فلا مانع من صرف الرواية إليه وثانيا سلمنا عدم الوثوق بذلك غالبا لكن الغالب كونه من دم ذي النفس فمن الجائز كونه في خصوص مورده امارة معتبرة من باب تقديم الظاهر على الأصل فلا يجوز رفع اليد بمثل هذه الرواية عن عموم قوله (ع) كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر والله العالم * (السادس والسابع) * الكلب والخنزير وهما نجسا عينا ولعابا اجماعا كما ادعاه غير واحد للنصوص المستفيضة كصحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الكلب يصيب شيئا من جسد الرجل قال يغسل المكان الذي اصابه وعنه أيضا عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الكلب يشرب من الاناء قال اغسل الاناء الحديث وصحيحة الفضل بن العباس قال قال أبو عبد الله (ع) إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله وان مسه جافا فصب عليه الماء الحديث وعنه أيضا في حديث انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الكلب فقال رجس نجس لا يتوضأ بفضله واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء ومرسلة حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا وقع الكلب في الاناء فصبه ورواية شريح عن أبي عبد الله (ع) في حديث انه سئل عن سؤر الكلب يشرب منه أو يتوضأ قال لا قلت أليس هو سبع قال لا والله انه نجس لا والله انه نجس ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال لا يشرب سؤر الكلب الا ان يكون حوضا كبيرا يسقى منه إلى غير ذلك من الروايات ومما يدل على نجاسة الخنزير صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فيذكر وهو في صلاته كيف يصنع به قال إن كان دخل في صلاته فليمض وان لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه الا ان يكون فيه اثر فيغسله قال وسئلته عن خنزير شرب من اناء كيف يصنع به قال يغسل سبع مرات ورواية سليمان الإسكاف قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن شعر الخنزير يخرز به قال لا بأس به ولكن يغسل يده إذا أراد ان يصلى وعن خيران الخادم قال كتبت إلى الرجل أسئله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلي فيه أم لا فان أصحابنا قد اختلفوا فيه فقال بعضهم صل فيه فان الله انما حرم شربها وقال بعضهم لا تصل فيه فكتب (ع) لا تصل فيه فإنه رجس وما في بعض الأخبار مما ظاهره المنافاة للحكم المذكور فالمتعين تأويله أورد علمه إلى أهله * (منها) * صحيحة ابن مسكان عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الوضوء بما ولغ الكلب فيه والسنور أو شرب منه جمل أو دابة أو غير ذلك أيتوضأ منه ويغتسل قال نعم الا ان تجد غيره فتنزه عنه وعن الشيخ حملها على ما إذا كان الماء بالغا مقدار الكر مستشهدا له برواية أبي بصير المتقدمة ولابعد فيه لقوة احتمال ورودها في مياه الغدران التي تزيد غالبا عن الكر * (ومنها) * خبر زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر هل يتوضأ من ذلك الماء قال لا
(٥٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 ... » »»