وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٢٨٥
فإنه لما أراد أن يجعله ولي عهده قال له الرضا (ع): والله لقد حدثني أبي عن آبائه (ع) عن أمير المؤمنين (ع) عن رسول الله (ص) قال: إني أخرج من الدنيا مقتولا بالسم مظلوما تبكي علي ملائكة السماء وملائكة الأرض، وأدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد، فبكى المأمون وقال: من ذا الذي يقتلك أو يقدر على الإساءة إليك وأنا حي؟ فقال الرضا (ع): أما أني لو أشاء أقول لقلت من ذا الذي يقتلني، فقال المأمون: يا بن رسول الله (ص) إنما تريد لهذا التخفيف عن نفسك ورفع هذا الامر عنك ليقول الناس أنك زاهد في الدنيا فقال الرضا (ع): والله ما كذبت منذ خلقني ربي عز وجل وما زهدت في الدنيا للدنيا وإني لأعلم ما تريد، فقال المأمون: وما أريد؟ فقال عليه السلام:
أعطني الأمان على الصدق فقال: لك الأمان قال: تريد بذلك أن يقول الناس إن علي بن موسى لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة؟ فغضب المأمون وقال له: إنك تلقاني أبدا بما أكرهه وقد آمنت سطوتي، فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك فإن فعلت وإلا ضربت عنقك، فقال الرضا (ع): قد نهاني الله أن ألقي بنفسي إلى التهلكة فإن كان الامر على هذا فافعل ما بدا لك.
وفي خبر السحائب: أنه إنما جعله ولي عهده ليكون دعاءه إليه وليعترف بالملك والخلافة له وانه ليس له فيه قليل ولا كثير (ولا ينبئك مثل خبير) (1) فلم يزل الرضا (ع) يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويأمر ولا يؤمر وفي كل يوم يظهر له من المعاجز والكرامات ما لا يحصى ولا يحصر فمنها: أن المأمون لما جعله ولي عهده وخليفته من بعده، كان من حاشية المأمون أناس كرهوا خروج الخلافة من بني العباس وخافوا عودها إلى بني فاطمة (ع) المعصومين، فنفروا من الرضا نفورا وكرهوه بغيا منهم، فقد جاؤوا ظلما وزورا، لقد استكبروا في

(1) سورة فاطر، الآية: 14.
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست