وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٢٨٤
إي والله فقال: امض وانظر ما حاله، فأخذت الشمع بين يدي وطالعته فإذا هو قائم يصلي والسباع حوله، فعدت إليه فأخبرته فلم يصدقني، فنهض واطلع عليه فشاهده في تلك الحال فقال: السلام عليك يا بن عم، فلم يجبه حتى فرغ ثم قال وعليك السلام يا بن عم قد كنت أرجو أن لا تسلم علي في مثل هذا الموضع فقال: أقلني فإني معتذر إليك فقال له: قد نجانا الله تعالى بلطفه فله الحمد، ثم أمر بإخراجه فأخرج فلا والله ما تبعه سبع أبدا فلما حضر بين يدي الرشيد عانقه ثم حمله إلى مجلسه ورفعه إلى سريره فقال يا بن عم إن أردت المقام عندنا ففي الرحب والسعة وقد أمرنا لك ولأهلك بمال وثياب فقال له: لا حاجة لي من المال ولا في الثياب، ولكن في قريش نفر يفرق ذلك عليهم، وذكر له قوما فأمر له بصلة وكسوة ثم أمره أن يركب على بغال البريد إلى الموضع الذي يحب، فأجابه إلى ذلك، وقال لي شيعه، فشيعته إلى بعض الطريق.
وهكذا كان حاله (ع) في ولاية الرشيد المهيمن حتى تولى بعده ابنه محمد الأمين فأخرج الرضا وأنعم عليه، قيل إنه قال بإمامته وأمر باتباعه أهل مملكته فقتله أخوه المأمون واستقل بالإمارة، وانقادت له أهل الإشارة، فعامل الإمام الرضا (ع) بخشوع الملاق وخضوع النفاق حتى أنه أظهر التشيع وأفشى بين حاشيته وجنده علامات حبه ووده، وأبطن ضغائن حقده حتى أنه أظهر التشيع وأكثر لما جرى على أهل البيت (ع) التوجع والتفجع، وأفشى ذلك بين جميع جنده وأمر الناس باتباعه في حله وعقده بعد مراسلات كثيرة ومعاهدات ومعاقدات شهيرة أعرضنا عن ذكرها وطويناها على غيرها حتى أنه زوجه بأم حبيب وهي ابنته - وقيل أخته رغبة في محبة له وطمعا في إذاعة فضله، إلا أن ذلك لم يكن عن إيمان حقيقي ولا إذعان تحقيقي واقرار تصديقي، بل عن نفاق كامن في الفؤاد وناشئ من احتشاء أسلاف الأسلاف الأجلاف أولي العناد، وليظهر للناس أنه غير زاهد في الدنيا وإنما هو عاجز عن طلب العلياء كما اعترف به غير مقام عند أوليائه الطغام.
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست