وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٢٩٥
تراجعني فيها، فحصل له ببركة هذه الدنانير والجبة السنية كرامات كثيرة ومنافع غير يسيرة ترد عنها عيون الأعداء وهي حسيرة.
ولما جاء يوم العيد بعد قبول الامام ولاية العهد بالعيد الأكيد بعث المأمون للرضا يسأله أن يركب ويحضر العيد ويخطب فقال (ع): قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخولي في هذا الامر فقال المأمون: إنما أريد بهذا الامر أن يرسخ في قلوب العامة، فلما ألح عليه قال: إن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلي وإن لم تعفني خرجت كما يخرج رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع) فقال: اخرج كما تحب، وأمر المأمون القواد أن يبكروا إلى باب أبي الحسن (ع) فقعد الناس في السطوح والطرقات من الرجال والنساء والصبيان، واجتمع القواد على باب الرضا (ع) فلما طلعت الشمس اغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن وألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه ثم قال لجميع مواليه: افعلوا مثلما فعلت ثم أخذ بيده عكازا وخرج وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمرة، ثم رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات فخيل للناس أن الهواء والحيطان تجاوبه، ثم وقف على الباب وقفة وقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما بلانا ورفع بذلك صوته وكذا أصحابه فتزعزعت مرو من البكاء والصياح فقالها ثلاث مرات فتساقط القواد ورموا بخفافهم، فلما نظروه بكوا وصارت مرو في ضجة واحدة ولم يتمالك الناس من البكاء والصيحة وكان (ع) يمشي ويقف في كل عشر خطوات وقفة ويكبر الله تعالى أربع تكبيرات، فتخيل للناس أن السماء والأرض والحيطان تجاوبه فبلغ المأمون ذلك فقال للفضل بن سهل: إن بلغ الرضا المصلى وهو على هذا السبيل افتتن به الناس، فالرأي أن تسأله يرجع فبعث المأمون إليه يسأله الرجوع فدعا أبو الحسن (ع) بخفه فلبسه ورجع فلم ينتظم أمر الناس فويل للمأمون الحسود، في اليوم الموعود، من مخالفة العهود، وما ارتكبه من إمام زمانه المفضال، ومن نصب حبائل الاغتيال، وجد الحد في الاحتيال في خفض شأنه العال
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»
الفهرست