الخوف من أمير المؤمنين لدفعت هذا المال، ولكنك طلبت مني أرضا بالمدينة وأعطيتني بها عشرة آلاف درهم أو دينار فلم أبعك إياها وقد وهبتها لك.
قلت: يا بن رسول الله إنما رغبتي في الدعاء الأول والثاني فإذا فعلت هذا فهو البر، ولا حاجة الآن في الأرض فقال (ع): إنا أهل البيت لا نرجع في معروفنا، نحن ننسخك الدعاء ونسلم إليك الأرض فقال: سر معي إلى المنزل، فسرت معه، وكتب لي بعهدة الأرض وأملى علي دعاء رسول الله (ص) والدعاء الذي هو بعد الركعتين، فقلت: يا بن رسول الله لقد أكثر المنصور استحثاثه واستعجاله إياي، وأنت تدعو بهذا الدعاء الطويل متمهلا كأن لم تخشه قال: فقال لي: نعم، قد كنت أدعو به بعد الفجر ولا بد منه، وأما الركعتان فهما صلاة الغداة خففتهما ودعوت بذلك الدعاء بعدهما، فقلت له: أما خفت المنصور وقد أعد لك ما أعد؟ قال: خيفة الله أعظم من خيفته، وكان الله في صدري أعظم.
قال الربيع: كان فيما قد رأيت من المنصور ومن غضبه وحنقه على جعفر (ع) ومن الجلالة له في ساعة ما لم أظنه يكون في بشر، فلما وجدت منه خلوة وطابت نفسه قلت: يا أمير المؤمنين رأيت منك عجبا قال: ما هو؟
قلت: يا أمير المؤمنين رأيت غضبك على جعفر (ع) غضبا شديدا لم أرك غضبته على أحد قط، ولا على عبد الله بن الحسن (رض) ولا غيره من كل الناس، حتى بلغ منك الامر أن تقتله بالسيف وحتى أنك أخرجت من سيفك شبرا ثم أغمدته ثم عاتبته، ثم أخرجت منه ذراع ثم أغمدته ثم عاتبته، ثم أخرجته كله إلا شيئا يسيرا فلم أشك في قتلك إياه، ثم انجلى ذلك كله حتى أمرتني فسودت لحيته بالغالية التي لا يتغلف منها إلا أولا يتغلف منها ولدك المهدي، ولا من وليته عهدك ولا عمومتك، وأجزته وحملته وأمرتني بتشييعه مكرما.
فقال: ويحك يا ربيع ليس هو مما ينبغي أن تحدث به وستره أولى، ولا