وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٢٣٧
سجونك حتى تأتيني منيتي وهي مني قريب. فقال: لا ولا كرامة، ثم أطرق وضرب يده على السيف، فسل منه مقدار شبر وأخذ بمقبضه فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب والله الرجل ثم رد السيف ثم قال: يا جعفر أما تستحي مع هذه الشيبة ومع هذا النسب أن تنطق بالباطل، وتشق عصى المسلمين، وتريد أن تريق الدماء، وتطرح الفتنة بين الأمة والأولياء.
فقال: لا والله يا أمير المؤمنين ما فعلت ولا هذه كتبي ولا خطي ولا خاتمي فانتضى من السيف ذراعا، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون مضى الرجل، وقلت في نفسي: إن أمرني فيه بأمر لأعصينه وما ظننت أنه يأمرني أن آخذ السيف فأضرب به جعفرا فقلت: إن أمرني ضربت عنق المنصور وإن أتى ذلك علي وعلى ولدي وتبت إلى الله عز وجل مما كنت نويت أولا، فأقبل يعاتبه وهو يعتذر ثم انتضى السيف وأطرق ساعة، ثم رفع رأسه وقال: أظنك صادقا يا ربيع هات العيبة من موضع كذا، فأتيته بها فقال: ادخل يدك فيها وأخرجها مملوءة غالية ووضعها في لحيته، ففعلت ذلك وكانت لحيته (ع) بيضاء فاسودت، وقال لي: أركبه دابتي التي كنت أركبها، وأعطه عشرة آلاف درهم وشيعه إلى منزله مكرما، وخيره إذا أتيت به المنزل بين المقام عندنا فنكرمه أو الانصراف إلى مدينة جده رسول الله (ص).
فخرجنا من عنده وأنا مسرور فرح بسلامة جعفر (ع) وهو متعجب مما أراد المنصور وما صار إليه من أمره، فلما صرنا في الصحن قلت له: يا بن رسول الله إني لأعجب مما عهد إلي هذا اللعين من شأنك وما جعلك الله إليه من كفايته ودفاعه، ولا عجب من أمر الله عز وجل وقد سمعتك تدعو عقيب الركعتين بدعاء لم أدر ما هو، فقال لي: أما الأول فدعاء الكرب والشدائد، لم أدع به على أحد قبل، يومئذ جعلته عوضا عن دعاء كثير أدعو به إذا قضيت صلاتي، وهذه الليلة لم أترك أن أدعو بما كنت أدعو به، وأما الذي حركت به شفتاي هو دعاء رسول الله (ص) يوم الأحزاب ثم ذكر الدعاء ثم قال: ولولا
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست