لما نظرت إليه قلت: يا من لا يضام ولا يرام وبه تواصل الأرحام صل على محمد وآله واكفني أمره بحولك وقوتك، والله ما زدت على ما سمعت مني قال: فرجع ذلك اللعين إلى أبي الدوانيق فأخبره بقوله فقال: والله ما استتم ما قاله حتى ذهب ما بصدري.
وفي كتاب المهج عن علي بن يقطين عن محمد بن الربيع الحاجب قال: قعد المنصور يوما في قصره في القبة الخضراء وكانت قبل قتل محمد وإبراهيم تسمى الحمراء، وكان له يوما يقعد فيه ويسمى ذلك اليوم يوم الذبح، وكان قد أشخص جعفر (ع) بن محمد من المدينة، فلم يزل في الحمراء نهاره كله حتى جاء الليل ومضى أكثره قال: ثم دعا أبي، فقال: يا ربيع أنت تعرف موضعك مني وإني يكون لي الخبر ولا تظهر عليه أمهات الأولاد وتكون أنت المعالج له، فقال: قلت: يا أمير المؤمنين ذلك من فضل الله علي وفضل أمير المؤمنين وما فوقي في النصح غاية، قال: كذلك أنت سر الساعة إلى جعفر بن محمد الصادق (ع) وائتني به على الحالة التي تجده عليها لا يغير شيئا منها، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، إن هذا والله هو العطب إن أتيت به على ما أراد من غضبه قتله وذهبت مني الآخرة، وإن لم آت به وداهنت في قتله قتلني وقتل نسلي وأخذ أموالي، فأنا أخير نفسي بين الدنيا والآخرة فمالت نفسي إلى الدنيا.
قال محمد بن الربيع: فدعاني أبي وكنت أفظ ولده وأغلظهم قلبا فقال لي: امض إلى جعفر بن محمد الصادق بن علي (ع)، فتسلل عليه حائطه ولا تفتح له بابا فيغير ما هو عليه، ولكن انزل عليه نزولا وائت به على الحال التي هو فيها فأتيته وقد ذهب الليل إلا أقله، فأمرت بنصب السلاليم وتسللت عليه الحائط فنزلت عليه في داره فوجدته قائما يصلي وعليه قميص ومنديل قد اتزر به، فلما سلم من الصلاة قلت له: أجب الأمير فقال: دعني أدعو وألبس ثيابي قلت: ما لي إلى ذلك من سبيل قال: دعني أدخل المغتسل فأتطهر قلت: