وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٢٣٦
وليس إلى ذلك من سبيل فلا تشغل نفسك، فإني لا أدعك تغير شيئا فأخرجته حافيا في قميص ومنديل وكان قد تجاوز الستين.
فلما مضى بعض الطريق ضعف عن المشي فرحمته فقلت له: اركب فركب (ع) بغلا شاكريا كان معنا ثم سرنا إلى الربيع فسمعته وهو يقول: ويلك يا ربيع قد أبطأ الرجل، وجعل يحثه استحثاثا شديدا، فلما وقعت عين الربيع على جعفر (ع) وهو على تلك الحالة بكى وكان الربيع يتشيع فقال له جعفر بن محمد (ع): يا ربيع أنا أعلم بميلك إلينا فدعني أصلي ركعتين وأدعو قال:
شأنك وما تريد، فصلي ركعتين خففهما ثم دعا بدعاء لم أفهمه لأنه دعاء طويل والمنصور في ذلك كله يستحث الربيع.
فلما فرغ من دعائه بطوله أخذ الربيع بذراعيه فأدخله على المنصور، فلما سار في صحن الإيوان وقف ثم حرك شفتيه بشئ لم أدر ما هو، ثم أدخلته بين يديه فلما نظر إليه قال: وأنت يا جعفر ما تدع حسدك وبغيك وإفسادك على أهل هذا البيت من بني العباس وما يزيدك الله تعالى بذلك إلا شدة حسد ونكد ما تبلغ ما تقدره فقال له والله يا أمير المؤمنين ما فعلت شيئا من هذا، ولقد كنت في ولاية بني أمية وأنت تعلم أنهم أعداؤنا وأعدى الخلق علينا وعليكم، وأنهم لا حق لهم في هذا الامر فوالله ما بغيت عليهم ولا بلغهم عني سوء مع جفائهم الذي كان بي، وكيف يا أمير المؤمنين أصنع الآن هذا وأنت ابن عمي وأمس الخلق رحما بي وأكثرهم عطاء وبرا فكيف أفعل هذا؟
فأطرق المنصور رأسه ساعة وكان على يساره رقعة جرمقانية، وتحت لبدته سيف ذو فقار، وكان لا يفارقه إذا قعد في القبة قال أبطلت وأثمت، ثم رفع الوسادة فأخرج صرة كتب فرمى بها إليه وقال: هذه كتبك إلى أهل خراسان تدعوهم إلى نقض بيعتي وأن يبايعوك دوني فقال (ع): يا أمير المؤمنين ما فعلت ولا استحل ذلك ولا هو من مذهبي، وإني لمن يعتقد طاعتك على كل حال، وقد بلغت من السن ما قد أضعفني عن ذلك، ولو أردته فصيرني في بعض
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست