وفي كتاب مشارق الأنوار روي أن المنصور لما أراد قتل الصادق (ع) دعا قوما من الأعاجم لا يعرفون الاسلام ولا يفهمون ولا يعقلون، فخلع عليهم الديباج والوشى وحمل إليهم الأموال ثم استدعاهم وكانوا مائة رجل، فقال للترجمان: قل لهم: إن للملك عدوا يدخل عليه الليلة فاقتلوه إذا دخل عليه، قال: فأخذوا أسلحتهم ممتثلين لامره فاستدعى جعفرا (ع) وأمره أن يدخل عليه وحده، ثم قال للترجمان: قل لهم هذا عدوي فقطعوه، فلما دخل (ع) ونظروا إليه تعاووا كعوي الكلاب ورموا أسلحتهم وكتفوا أيديهم إلى ظهورهم وخروا له سجدا ومرغوا وجوههم على التراب، فلما رأى المنصور ذلك خاف على نفسه وقال: ما جاء بك؟ قال (ع) أرسلت إلي فأجبتك وما جئتك إلا مغتسلا متحنطا فقال المنصور: معاذ الله أن يكون ما تزعم ارجع راشدا، فرجع جعفر (ع) والقوم على وجوههم سجدا فقال المنصور للترجمان: قل لهم لم لا قتلتم عدو الملك فقالوا: نقتل ولينا والذي يلقانا كل يوم ويدبر أمورنا كما يدبر الرجل ولده ولا نعرف لنا وليا سواه، فخاف المنصور من قولهم وسرحهم تحت الليل ثم قتله بعد ذلك بالسم.
وفي رواية عن عبد الله بن الفضل بن الربيع عن أبيه قال، حج المنصور سنة سبع وأربعين ومائة فقدم المدينة وقال للربيع: ابعث إلي جعفر بن محمد (ع) وأتنا به متعبا قتلني الله إن لم أقتله، فتغافل الربيع عنه لينساه فأعاد ذكره الربيع وقال: ابعث من يأتيني به قتلني الله إن لم أقتله، فتغافل الربيع عنه فأرسل إلى الربيع رسالة قبيحة أغلظ فيها عليه بما لا دافع له إلا الله تعالى من القتل، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله ثم أن الربيع أحضر جعفرا (ع) فلما دخل جعفر (ع) أوعده وتهدده بالقتل وقال: أي عدو الله أتخذك أهل العراق إماما يبعثون إليك زكاة أموالهم وتلحد في سلطاني وتبتغي لي الغوائل، فوالله لأقتلنك ولا مانع لي من ذلك، فقال (ع): يا أمير المؤمنين إن سليمان (ع) أعطي فشكر، وإن أيوب (ع) ابتلي فصبر، وإن يوسف (ع) ظلم فغفر، وأنت من