مولاي أبي عبد الله (ع) إذ قرع الباب رجل، فإذا هو زيد بن علي (ع) بن الحسين (ع) فقال الصادق (ع) لجلسائه: ادخلوا هذا الرجل وردوا الباب، ولا تكلم أحد فلما دخل قام إليه (ع) واعتنقه طويلا يتساران ثم علا الكلام بينهما، فقال زيد (رض): دع عنك هذا يا جعفر، فوالله لئن لم تمد يدك أبايعك هذه يدي لتبايعني لأتعبنك أو لأكلفنك ما لا تطيق، فقد تركت الجهاد وأخلدت إلى الخفض، وأرخيت الستر واحتويت على مال المشرق والمغرب، فقال الصادق: يرحمك الله يا عم ويغفر الله لك يا عم، وزيد يسمعه وهو يقول: إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب، ومضى وتكلم الناس في ذلك فقال الصادق (ع): لا تقولوا في عمي زيد إلا خيرا، رحم الله عمي زيدا فوالله لو ظفر لعفا ووفا.
قال: فلما كان السحر قرع زيد الباب ففتح له الباب فدخل رضي الله عنه يشهق ويبكي ويقول: ارحمني يا جعفر يرحمك الله، وارض عني يا جعفر يرضى الله عنك، اغفر لي يا جعفر الله يغفر لك فقال الصادق (ع): غفر الله لك ورحمك ورضي عنك، فما الخبر يا عم؟ فقال: إني لما نمت رأيت رسول الله (ص) قد دخل علي وعن يمينه الحسن (ع)، وعن شماله الحسين (ع)، وفاطمة (ع) خلفه، وعلي (ع) امامه، وبيده حربة تلتهب كأنها نار مضرمة، وهو يقول: يا زيد آذيت رسول الله في جعفر والله لئن لم يترحم ويستغفر الله لك ويرضى عنك لأرمينك بهذه الحربة ولأضعنها بين كتفيك ثم لأخرجنها من صدرك، فانتبهت فزعا مرعوبا فصرت إليك فارحمني يرحمك الله، فقال: رضي الله عنك وغفر لك، أوصيني فإنك مقتول مصلوب محرق بالنار، فوصى زيد بعياله وأولاده وقضاء الدين عنه.
وفي الكافي عن جابر عن الباقر (ع) قال: سئل عن القائم بالامر بعده فضرب بيده على أبي عبد الله (ع) فقال: هذا والله قائم آل محمد (ص) بعدي قال عنبسة فلما قبض أبو جعفر (ع) دخلت على أبي عبد الله (ع) فأخبرته بذلك