نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ١٧٤
لا شئ سوى عقدة الشعور بعدم المعاصرة، وتطبيق المنهج الديكارتي في غير موضعه الذي وضع له تقليدا لصديقه طه حسين، حين ذابت شخصية المحب في المحبوب ولو كان ذلك على حساب العلم والموضوعية في النقد!
ولم يسلم الكثيرون من أصحاب رسول الله من غمزات أحمد أمين حين غمس يده في شخصية أبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي رضي الله عنهما وزعم لهما ما لم يزعماه وادعى عليهما ما هم براء منه.
فأما أبو ذر الغفاري فزعم له أنه تأثر بمزدك في الاتجاه الاشتراكي مع أن المزدكية مذهب أباحي اشتراكي على النمط الفارسي واشتراكية مزدك لا تقصر على المال بل تشمل المال والفروج وهو فهم شنيع الخطأ في هذه الموازنة المفتعلة.
ومعاذ الله أن يكون قصد أبي ذر نابعا من مفاهيم مزدك الفارسي الذي ظهر في عهد قباز ملك الفرس وأصحاب رسول الله إلا من استثناهم الرسول صل الله عليه وآله هم من أهل اليقين الذي فيهم وفي أمثالهم يقول الرسول الأعظم:
(لم تعط أمة من اليقين ما أعطيت أمتي).
وأهل اليقين لا يتأثرون إلا بما جاء عن طريق الحق سبحانه وإنه لافتراء شنيع أن يدعى على أبي ذر مثل هذه المقالة.
وقد كان من المقربين إلى قلب الرسول عليه السلام وفيه يقول:
(ويح أبي ذر يعيش وحيدا، ويموت وحيدا، ويبعث وحيدا).
وفي هذا إشارة إلى معاناة أبي ذر دعوة أهل الشام، وبني أمية، ومعاوية إلى أدراء الزكاة وإعطاء الفقراء فضل أموالهم وفيه وفي أبي الدرداء يقول أيضا:
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»