تمثيل بعض مشاهد ذلك بأدوار مسرحية تجسد للأذهان جانبا مما حدث على الصعيد الواقعي.
وكان هدف الحسين إحداث هذا الزلزال في ضمير الأمة، لفاعليته وأثره الكبير، وحيويته الخالدة، فليس بالإمكان نسخ النهضة الحسينية بمواقف بشرية وإن كانت في قمة المأساوية في مستقبل الزمان كما استحال ذلك في ماضيه.
إذن، فالهدف الأول يفتقر إلى هذا الأثر، وإن احتوى على أثر محدود، ربما امتد إلى قرن أو قرنين بل أكثر، ولكنه يضعف عن مواكبة الزمن الإسلامي، من هنا عافه الحسين مع قدرته عليه ولو أراده لتحقق على يديه وبلغه كما فعل الكثير من الثوار الذين قلبوا نظاما وأقاموا آخر غيره ".
وهنا إثباتا لهذه النظرة الثانية يستعرض الكاتب (محمد شعاع فاخر) وضع الجزيرة العربية من الناحية الأخلاقية قبل الإسلام ويبين ما جاء به الإسلام من نظام أخلاقي عظيم ثم يعود في خاتمة الكتاب قائلا:
" قلنا في مطلع حديثنا أن النظرة السطحية لأحداث الثورة الحسينية أدت إلى مقولة خاطئة درج عليها الناس واعتبروها صحيحة جوهرية وهي أن ثورة الحسين (عليه السلام) كانت من أجل تغيير نظام الحكم واستبدال الحكم الأموي بالحكم العلوي، وكان من حقه أن يفعل ذلك لأن مطالبة ذي الحق بحقه أمر أقرته شرائع السماء وقوانين الأرض وأحكام العقل...
ناهيك بشريعة الإسلام.
ولكن نواجه من خلال هذا التفسير بإشكال قوي لا يمكن دفعه ولو أنفقنا الكلام كله وصببنا الحجة بقوالب مختلفة، وذلك الإشكال هو: خبرونا عن هذا الهدف هل تحقق للحسين أو لمن بعده؟! وإذا لم يكن قد تحقق فهل تعتبر ثورة الحسين ناجحة؟!
من الطبيعي أن من ينهض لغاية ما وينشد هدفا من الأهداف لابد وأن يضع نصب عينيه ولادة هذا الهدف في عرصة الوجود أما في زمانه كما حدث لأبي مسلم الخراساني وللعباسية أو بعد زمنه بمدة قليلة كما حدث للبويهيين وغيرهم، فهل تحقق شئ من هذا للإمام الحسين (عليه السلام)؟
يأتينا الجواب: إن الإمام أستشهد وما زال النظام قائما على أشده وجائت بعده أنظمة إن لم تزد عليه فهي غير قاصرة عنه سوءا وفسادا وظلما، فأين النجاح في هذا، ليت شعري؟!