من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٥١
ثورة الحسين (عليه السلام) أخلاقية أم سياسية؟
نظرتان ألقيتا على نهضة الحسين (عليه السلام) وثورته الفاتحة:
الأولى: أنها كانت لقلب نظام الحكم الأموي.
الثانية: أنها جاءت لإنقاذ الأخلاق الإسلامية من أنياب الأخلاق الفاسدة التي أظلمت حياة الأمة بأسرها، وأن النظام الأموي كان أهم الأسباب.
أي النظرتين أقرب إلى هدف الحسين (عليه السلام)؟
لقد أبدع الباحث (محمد شعاع فاخر) في كتابه القيم (الحكم والأخلاق في منطق الثورة الحسينية) حينما أثبت بأدلة غير قابلة للخرق لأن قلب نظام الأخلاق الأموية الفاسدة كان هو الهدف الأول والغاية الأسمى للحسين (عليه السلام) في ثورته الجبارة. وهذا ما أميل إليه وأتبناه بقوة. يقول الباحث في مقدمة الكتاب: (1) وما زال المعترضون موقنين بأن خروج الحسين منحصر في المطالبة بحقه، والهدف الأكبر منه هو قلب نظام الحكم الأموي. ولكن الحق هو أنه (عليه السلام) لم يخرج لذلك على الإطلاق، لأنه هدف غاية في التفاهة والصغر ولو كان الحسين أراده لتوخى أسبابه، ولسلك السبل المؤدية إليه.
خلا أننا بإمكاننا إجمال هدفه الأكبر بجملة واحدة هي بمثابة الكوة التي تفتح على عالم فسيح وهي: " قلب نظام الأخلاق ".
ذلك أن الأمة اكتسبت جراء سلوك حكامها معها - والرعية على دين ملوكها، والناس بملوكهم أشبه منهم بآبائهم - صفات مسترذلة وأخلاقا حقيرة وعادات سيئة تنافي ما بناه الإسلام لها من أخلاق وما شاده من مثل عليا، وطلب من المسلم التحلي بها لتتم صياغة شخصيته مطابقة لمضمونها.
وانساقت الأمة بدون وعي منها وراء هؤلاء الحكام حتى أوشك أن يحل بها ما حل بالأمم قبلها فاستحالت إلى كائنات ظاهرها الإسلام وباطنها أخلاق الحكام الفسقة...
والفرق بين الهدفين يمكن أن نصوره بما يلي:

1 - بتصرف في الألفاظ
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»