من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٥٢
1 - قلب نظام الحكم لو كان الإمام أراد هذا الهدف لسعى سعيه إليه وحينئذ تنحصر الفائدة من هذا في تأسيس دولة إسلامية مشابهة لدولة أبيه، هذا مع فرض النجاح، ثم وليس من المستبعد أن كان يواجه بعد ذلك ما واجه أبوه من الناكثين والقاسطين والمارقين، إذ ما نفدت جنود إبليس بعد.
وحينئذ تثار في وجهه المتاعب ويكتض طريقه بالمصاعب ويملأ هؤلاء وأولئك قلبه قيحا وتكون الخاتمة معلومة شهادة في محراب أو موتا بالسم على الفراش. ويأتي خلفه فتجري الأحداث معه كجريها مع سلفه في حلقة مفرغة إلى ما شاء الله. وتخرج الأمة من هذه التجارب بيد فارغة لم تكتسب إلا فوائد ليست بذات أثر في مقابل التضحيات وهي منوطة بالزمن وتنتهي بانتهائه.
2 - قلب نظام الأخلاق ويحتاج الإمام من أجل تحقيق هذا الهدف المنشود إلى إحداث زلزال في ضمير الأمة الباطن وعقلها الكامن يؤدي إلى تحريك ضميرها بنبض الحياة فيفجرها بالندم والحزن ويخرجها من واقعها الأدبي المتداعي إلى واقع خلقي رفيع، دعامته الجهاد، وركائزه المواقف المدبجة باللوامع الخلقية الشريفة، من قبيل التضحية والفداء ونكران الذات وهكذا، وحينئذ تكون هذه الهزة التي حدثت على حين انسياق وغفلة من الأمة بمثابة قوة الدفع لها، ولن تقتصر على الجيل المعاصر أو التالي له بل تكون صالحة لكل الأجيال التي تأتي بعده، تمدها بالحركة النازعة صوب الكمال المطلوب على أن يكون هذا الزلزال من القوة والتنوع بحيث يرادف الحياة، فيجري في الأجيال خلفا عن سلف، وصاغرا عن كابر، وهكذا دواليك، وحينئذ يكون بيد الأجيال جذوة متقدة تضئ حوالك الزمن، وأداة إستنهاض وإثارة إذا طرأت على الأمة ظروف ماثلت تلك الظروف التي عاصرت الزلزال الأول.
ويكون بالإمكان فيما إذا أيقضت الظروف الحرجة وعي الأمة صياغة دستور ثوري منه يكرر الثورات بتكرر الظروف الحالكة، شريطة أن تتعهد هذا التفاعل فئة من الناس كالمجاهدين مثلا أو الخطباء، فتسايره راعية وموجهة وشارحة كما يفعل الزارع بزرعه.
ويتم شحن الأمة بطاقته الخارقة عن طريق المنبر والشرح والصياغة الحية. ولا مانع من
(٥٢)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)، الهدف (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»