أمير المؤمنين وإمام المتقين علي (عليه السلام) عبادة الملائكة قائلا: " قد ذاقوا حلاوة معرفته، وشربوا بالكأس الروية من محبته، وتمكنت من سويداء قلوبهم وشيجة خيفته، فحنوا بطول الطاعة اعتدال ظهورهم... " (1).
وأما في مجال التحلي بالأخلاق الحسينية - الذي هو الغاية من هذا الكتاب - فإنها - أي هذه القاعدة - تصدق على النحو التالي:
أولا: معرفة الحسين (عليه السلام) كشخص كريم ذي مكانة خاصة، وكسيرة أخلاقية طاهرة وتتطلب هذه المرحلة قراءة الكتب المعنية أو الاستماع إلى الخطباء الواعين.
ثانيا: تجلب هذه المعرفة محبة الحسين ومحبة ما كان يدعو إليه ويعمل به. وهنا يتفاعل العارف روحيا مع ما عرفه من الحسين (عليه السلام).
ثالثا: بعد المعرفة والمحبة لا يبقى سبيل لصاحبهما إلا سبيل الطاعة للإمام الحسين في أخلاقه العظيمة، ويدخل العارف المحب إلى هذه المرحلة بشوق وتطوع وإصرار يصل إلى حد التفاني والذوبان في طريق الحسين (عليه السلام)، ومع ازدياد " المعرفة " و " المحبة " و " الطاعة " يسمو صاحبها إلى درجة الذين أجنهم حب الحسين (عليه السلام) فتسابقوا مع الحسين إلى الشهادة في سبيل الله دون مبالاة بالموانع الزائفة والاحساس بالحواجز المادية.
يقول الشاعر الموالي خطابا إلى الحسين (عليه السلام):
تعاليت عن مدح فأبلغ خاطب * بمدحك بين الناس أقصر قاصر إذا طاف قوم في المشاعر والصفا * فقبرك ركني طائفا ومشاعري وإن ذخر الأقوام نسك عبادة * فحبك أوفى عدتي وذخائري إليك إشاراتي وأنت مرادي * وإياك أعني عند ذكر سعاد وأنت تثير الوجه بين أضالعي * إذا قال حاد أو ترنم شادي وحبك ألقى النار بين جوانحي * بقدح وداد لا بقدح زناد