من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٤٢
جوارحك عليك، يوم تزل فيه الأقدام، وتبلغ القلوب الحناجر، وتبيض وجوه وتسود وجوه، وتبدو السرائر، ويوضع الميزان القسط، يا ابن آدم أذكر مصارع آبائك وأبنائك كيف كانوا وحيث حلوا، وكأنك عن قليل قد حللت محلهم وصرت عبرة للمعتبر ".
وأنشد شعرا:
أين الملوك التي عن حفظها غفلت * حتى سقاها بكأس الموت ساقيها تلك المدائن في الآفاق خالية * عادت خرابا وذاق الموت بانيها أموالنا لذوي الوراث نجمعها * ودورنا لخراب الدهر نبنيها (1) وكذلك ورد عنه (عليه السلام) أنه قال: " وجد لوح تحت حائط مدينة من المدائن مكتوب فيه:
أنا الله لا إله إلا أنا، ومحمد نبي، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟ وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟ وعجبت لمن اختبر الدنيا كيف يطمئن إليها؟ وعجبت لمن أيقن بالحساب كيف يذنب " (2).
ومن كلامه (عليه السلام) إذا رأى القبور: " فما أحسن ظواهرها وانما الدواهي في بطونها فالله فالله عباد الله لا تشتغلوا بالدنيا فان القبر بيت العمل، فاعملوا ولا تغفلوا ".
ثم أنشد (عليه السلام):
يا من بدنياه اشتغل * وغره طول الأمل الموت يأتي بغتة * والقبر صندوق العمل (3) ويعرفك على بعض المعاني الأخلاقية كما قد مثلها في سلوكه الشريف قائلا:
وكن بشا (4) كريما ذا انبساط * و فيمن يرتجيك جميل رأي بعيدا عن سماع الشر سمحا (5) * نقى الكف (6) عن عيب وثأى (7)

١ - إرشاد القلوب ١: ٢٩.
٢ - صحيفة الرضا (عليه السلام): ٢٥٤ حديث ١٨٠، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ٢: ٤٨ حديث ١٥٨، بحار الأنوار ٧٨:
٤٥٠
حديث ١٣ و ٧٣: ٩٥ حديث ٧٦ و ١٣: ٢٩٥ حديث ١١.
٣ - إحقاق الحق / ج 11 ص 628 4 - البشاشة: طلاقة الوجه.
5 - السماح والسماحة: الجود.
6 - نقى الكف: طاهر اليد.
7 - الثأي: الحزم والفتق.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»