من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٥٤
فماذا يقول أنصار هذا الرأي؟!
سوف يجيبونك بأن الحسين (عليه السلام) لم يقتصر الهدف من ثورته على تغيير النظام الأموي بل ضم إلى هذا الهدف أهدافا أخرى من إيقاظ الأمة وحملها على الثورة وأمرها بالمعروف ونهيها عن منكرها ومنكر الحكام...
ونقول لهم: أجل، اتفقنا، اعزلوا البند الأول، من هذا القول وهو نظام الحكم، فيتحد قولانا، فما قلتموه ما عدا البند الأول هو تغيير نظام الأخلاق نفسه الذي آمنا به وذهبنا إليه.
ويواصل الكاتب (محمد شعاع فاخر) مستدلا على صحة رأيه أيضا:
بدء الحسين (عليه السلام) نهضته المباركة وسط حشد من المعارضين، وكل من لاقاه عبر له عما ينتظره من مصير محتوم، لأنه ثائر على دولة فتية قوية، توجه جيوشها الفاتحة في طول الأرض وعرضها، فتفتح لها الأمصار وتقضي على الملوك وتأتيها بالغنائم، فماذا يصنع بلد واحد - أي الكوفة - موزع الآراء مقسم الأعضاء، ذاق الأمرين من الحرب الضروس وعاناها سنين حتى مل من معاناتها، وما زال يقاسي شظف العيش، وعسف الحاكم، فأنى يقوم بلد مثل هذا بوجه دولة فاتحة قوية، إن مصير من يستعين ببلد مثل هذا هو القتل لا ريب في ذلك، وكان الإمام الحسين (عليه السلام) يعلم هذا، ويدرك ماذا ينتظره في مستقبل أيامه ولكنه واصل السير النضالي ولم يجد مشجعا واحدا لا من أهل بيته ولا من غيرهم (1)، إن هذا الإصرار يدلنا على أن الحسين عازم على الموت وقادم على الشهادة ولكن لماذا؟!
يقول له حبر الأمة وابن عمه عبد الله بن عباس: " جعلت فداك، إنه قد شاع الخبر في الناس وارجفوا بأنك سائر إلى العراق، فبين لي ما أنت عليه؟
فقال: نعم قد عزمت على ذلك في أيامي هذه إن شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فقال ابن عباس: أعيذك بالله من ذلك فإنك إن سرت إلى قوم قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم واتقوا عدوهم ففي سيرك لعمري الرشاد والسداد، وإن سرت إلى قوم دعوك إليهم وأميرهم قاهر لهم وعما لهم يجبون بلادهم، فإنما دعوك إلى الحرب والقتال،

1 - هذا خطأ غير مقصود من الكاتب الجليل، فالذين خرجوا مع الحسين (عليه السلام) إلى كربلاء من أهل بيته وأصحابه كانوا أكثر من واحد! ولا يخل هذا الخطأ بدليله على رأيه الصائب " بأن الثورة التي قام بها الحسين كانت من أجل تقويم نظام الأخلاق في المسلمين ".
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»