من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٠٣
فخرج إليه عمر بن سعد في عشرين فارسا والحسين (عليه السلام) في مثل ذلك، ولما التقيا أمر الحسين (عليه السلام) أصحابه فتنحوا عنه، وبقي معه أخوه العباس وابنه علي الأكبر، وأمر عمر بن سعد أصحابه فتنحوا عنه وبقي معه ابنه حفص وغلام له يقال له: لاحق.
فقال الحسين (عليه السلام) لابن سعد: " ويحك أما تتقي الله الذي إليه معادك؟ أتقاتلني وأنا ابن من علمت؟ يا هذا ذر هؤلاء القوم وكن معي، فإنه أقرب لك من الله ".
فقال له عمر: أخاف أن تهدم داري.
فقال الحسين (عليه السلام): " أنا أبنيها لك ".
فقال عمر: أخاف أن تؤخذ ضيعتي.
فقال (عليه السلام): " أنا أخلف عليك خيرا منها من مالي بالحجاز ".
فقال: لي عيال أخاف عليهم.
فقال: أنا أضمن سلامتهم.
ثم سكت - عمر بن سعد - فلم يجبه عن ذلك، فانصرف عنه الحسين (عليه السلام) وهو يقول:
" مالك، ذبحك الله على فراشك سريعا عاجلا، ولا غفر لك يوم حشرك ونشرك، فوالله إني لأرجو أن لا تأكل من بر العراق إلا يسيرا ".
فقال له عمر - مستهزئا -: يا أبا عبد الله في الشعير عوض عن البر، ثم رجع عمر إلى معسكره. (1) هكذا بقي الحوار مبتورا بين صمود الحق وعناد الباطل، بين منطق الهدى واستهزاء الضلال، وتكفينا نحن اليوم عاقبة طرفي الحوار الذي بادر إليه الحسين (عليه السلام) انطلاقا من حبه لإنقاذ الإنسان، ولكن الإنسان كان ظلوما جهولا، وكان عمر بن سعد الصلف البذئ من أبرز مصاديق الظلم والجهل.
جاء في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) " ثلاث من لم تكن فيه واحدة منهن فلا تعتدوا بشئ من عمله، تقوى تحجزه عن معاصي الله، وحلم يكف به السفيه، وخلق يعيش به في الناس " (2).

١ - مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي ١: ٢٤٥، الفتوح ٥: ١٠٢، البداية والنهاية ٨: ١٨٩، بحار الأنوار ٤٤: ٣٨٨، العوالم ١٧: ٢٣٩، أعيان الشيعة ١: ٥٩٩ مع اختلاف في بعض الألفاظ.
2 - الفضيلة الإسلامية: ص 52.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»