من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٠٧
فقال (عليه السلام) لهم: " يا قوم اني في غد أقتل وتقتلون كلكم معي ولا يبقى منكم واحد ".
فقالوا: الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك وشرفنا بالقتل معك، أو لا ترضى أن نكون معك في درجتك يا ابن رسول الله؟!
فقال (عليه السلام): " جزاكم الله خيرا "، ودعا لهم بخير.
فقال له القاسم بن الحسن (عليه السلام) - ولم يتجاوز عمره الثالث عشر -: وأنا فيمن يقتل؟
فأشفق عليه فقال له " يا بني كيف الموت عندك؟ ".
قال: يا عم أحلى من العسل.
فقال (عليه السلام): " أي والله فداك عمك انك لاحد من يقتل من الرجال معي بعد أن تبلى ببلاء عظيم وابني عبد الله ".
فقال: يا عم ويصلون إلى النساء حتى يقتل عبد الله وهو رضيع؟
فقال (عليه السلام): " فداك عمك يقتل عبد الله إذ جفت روحي عطشا وصرت إلى خيمنا فطلبت ماء ولبنا فلا أجد قط فأقول: ناولوني ابني لأشرب من فيه، فيأتوني به فيضعونه على يدي فأحمله لأدنيه من في فيرميه فاسق بسهم فينحره وهو يناغي فيفيض دمه في كفي، فأرفعه إلى السماء وأقول: اللهم صبرا واحتسابا فيك، فتعجلني الأسنة منهم والنار تستعر في الخندق الذي في ظهر الخيم، فأكر عليهم في أمر أوقات في الدنيا، فيكون ما يريد الله ".
فبكى وبكينا، وارتفع البكاء والصراخ من ذراري رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الخيم.
هكذا يخبر الإمام سبط الرسول (صلى الله عليه وآله) عما علم من الغيب بإذن الله ليكمل فصول الواقعة بكل زواياها الشرعية والأخلاقية والانسانية وما يتعلق بحقوق الناس واعطائهم فرصة اتخاذ القرار الحر، لهذه الأخلاقيات التي وجدوها في الحسين (عليه السلام) تراهم قد أحبوه وتضامنوا معه حتى اعتنقوا الموت الشريف ببسالة أدهشت تاريخ البشرية وفخرت بها أهل السماء وشرفاء الأرض.
* الدروس المستفادة هنا:
1 - تعلم أن تأخذ الإجابات الصحيحة من السائل نفسه، وذلك بإعادة سؤاله إليه عبر أسلوب آخر.
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»