من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢١٤
الجاهلية العشائرية ليفصل بينهم وبين الحسين (عليه السلام) إلا أن هؤلاء الصفوة من المؤمنين أعرضوا عن الشمر ولم يكلموه.
وهنا يظهر الخلق الحسيني على المسرح، ليعطي الفرصة لعدوه كيما يقول ما يريد، فقال (عليه السلام) للعباس وإخوته: " أجيبوه ولو كان فاسقا ".
فقالوا لشمر: ما شأنك وما تريد؟
قال: يا بني أختي أنتم آمنون، لا تقتلوا أنفسكم مع الحسين، والزموا طاعة... يزيد!
فقال العباس - وهو الذي تعلم الإباء والوفاء من إمامة وأخيه الحسين (عليه السلام): لعنك الله ولعن أمانك، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له! وتأمرنا أن ندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء؟! (1) أنظر أخي القارئ: كيف يعطي الحسين (عليه السلام) الاستقلالية وحرية اتخاذ القرار للعباس واخوته، وهؤلاء بدورهم كيف يردوا على الشمر الفاسق بأخلاق الولاية للحق والبراءة من الباطل، ولا مجاملة على حساب القيم. فهذا الأسلوب الحسيني وما فعله أخوه العباس تطبيق لحكمة الحزم مع اللين. وهذا مبدأ أخلاقي رصين قد تعلمه الحسين والعباس من أبيهما أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عندما كان يواجه مكر معاوية وخديعته ويتنفس الصعداء ويقول " وا ويلاه! يمكرون بي ويعلمون أني بمكرهم عالم، وأعرف منهم بوجوه المكر ولكن أعلم ان المكر والخديعة في النار، فأصبر على مكرهم ولا أرتكب مثل ما ارتكبوا " (2).
* الدروس المستفادة هنا:
1 - احترام استقلالية الفرد المعتدل في اتخاذ قراراته.
2 - إذا كنت واثقا في تربيتك للفرد فلا تخف عليه أن تبعثه لمحاورة العدو.
E / في حب الهداية للعدو لم يترك الإمام (عليه السلام) المغفلين ممن جاؤوا لمحاربته، فقد انتهز كل فرصة لموعظتهم،

١ - تذكرة خواص الأمة: ص ١٤٢، ومثير الأحزان / لابن نما: ٢٨.
٢ - جامع السعادات: ج ١ ص ٢٣٩.
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»