من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٧٠
" أبا عبد الله، رحمك الله، إتق الله الذي إليه معادك، فقد عرفت من عداوة أهل هذا البيت - يعني بني أمية - لكم، وقد ولى الناس هذا الرجل يزيد بن معاوية، ولست آمن أن يميل الناس إليه لمكان هذه الصفراء والبيضاء - الذهب والفضة - فيقتلونك، ويهلك فيك بشر كثير، فإني قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " حسين مقتول، ولئن قتلوه وخذلوه ولن ينصروه ليخذلهم الله إلى يوم القيامة، وأنا أشير عليك أن تدخل في صلح ما دخل فيه الناس، واصبر كما صبرت لمعاوية من قبل، فلعل الله أن يحكم بينك وبين القوم الظالمين ".
فقال له أبي الضيم: " أنا أبايع يزيد، وأدخل في صلح؟!! وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله) فيه وفي أبيه ما قال "؟!!
وانبرى ابن عباس فقال له: " صدقت أبا عبد الله، قال النبي (صلى الله عليه وآله) في حياته: " مالي وليزيد لا بارك الله في يزيد، وانه يقتل ولدي، وولد ابنتي الحسين، والذي نفسي بيده، لا يقتل ولدي بين ظهراني قوم فلا يمنعونه إلا خالف الله بين قلوبهم وألسنتهم ".
وبكى ابن عباس والحسين، والتفت إليه قائلا: " يا ابن عباس أتعلم أني ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ ".
قال ابن عباس: " اللهم نعم.. نعلم ما في الدنيا أحد هو ابن بنت رسول الله غيرك، وان نصرك لفرض على هذه الأمة كفريضة الصلاة والزكاة التي لا يقبل أحدهما دون الأخرى.. ".
فقال له الحسين: " يا ابن عباس، ما تقول في قوم أخرجوا ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) من داره، وقراره، ومولده، وحرم رسوله، ومجاورة قبره، ومسجده وموضع مهاجره، فتركوه خائفا مرعوبا لا يستقر في قرار، ولا يأوي في موطن، يريدون في ذلك قتله، وسفك دمه، وهو لم يشرك بالله ولا اتخذ من دونه وليا، ولم يتغير عما كان عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ".
وانبرى ابن عباس يؤيد كلامه، ويدعم قوله قائلا: " ما أقول فيهم إلا انهم كفروا بالله ورسوله، ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى، يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا، مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ومن يضل الله فلن تجد له سبيلا، وعلى مثل هؤلاء
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»