فقال: خار الله لك، يا ابن بنت رسول الله فيما قد عزمت عليه، إني أشير عليك بمشورة فاقبلها مني - وتلك هي -:
إذا أتيت مكة فاحذر أن يغرك أهل الكوفة، فبها قتل أبوك، وأخوك طعنوه بطعنة كادت أن تأتي على نفسه، فالزم الحرم فإنك سيد العرب في دهرك فوالله لئن هلكت ليهلكن أهل بيتك بهلاكك.
وشكره الإمام وودعه ودعا له بخير، وسار موكب الإمام يجد السير لا يلوي على شئ حتى إنتهى إلى مكة، فلما نظر الإمام إلى جبالها تلا قوله تعالى: * (ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) *.
لقد كانت هجرته إلى مكة كهجرة موسى إلى مدين، فكل منهما قد فر من فرعون زمانه، وهاجر لمقاومة الظلم ومناهضة الطغيان (1).
* الدروس المستفادة هنا:
1 - إن استطعت أن تؤدي واجبك في أرضك فافعل، وإلا فالهجرة من أجل ذلك واجبة من الواجبات شريطة أن تؤديها في الهجرة.
2 - إستعن في أمورك على الصمت والكتمان وقلة الكلام، حتى إذا كنت واثقا فيمن يحادثك.
3 - حاول أن تستند في كلامك ومواقفك إلى أدلة من القرآن الحكيم.
E / في الموقف من الناصح المشبوه كتب إلى الحسين عمرو بن سعيد بن العاص:
إني أسأل الله أن يلهمك رشدك، وأن يصرفك عما يرديك، بلغني أنك قد إعتزمت على الشخوص إلى العراق، فإني أعيذك بالله من الشقاق. فإن كنت خائفا فأقبل إلي، فلك عندي الأمان والبر والصلة!
وعمرو هذا من الامراء الأقوياء في فلك الحكام، وذو عدة وعدد، ويبدو من كتابه أنه