على ثقة من نفسه، وأنه إنما كتب الكتاب مستقلا، وأما نيته فلا يبعد أن يكون قد فكر في التخلص من الحسين (عليه السلام) وحركته بنحو سلمي، لأنه كان ممن يرشح نفسه للحكم، أو هو محسوب على الحكم، ولا يحب أن يتورط في مواجهة مع الحسين (عليه السلام)، ومع هذا فهو جاهل بكل الموازين والمصطلحات الإسلامية، فهو يحذر الإمام من " الشقاق " ثم هو يحاول أن يطمع الحسين في الأمان والبر والصلة!
وقد كتب إليه الحسين (عليه السلام) جوابا مناسبا هذا نصه:
" إن كنت أردت بكتابك إلي بري وصلتي، فجزيت خيرا في الدنيا والآخرة. وإنه لم يشاقق من دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين. وخير الأمان أمان الله، ولم يؤمن الله من لم يخفه في الدنيا، فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمان الآخرة عنده " (1).
ومن العبر أن عمرا - هذا - اغتر بأمان خلفاء بني أمية فغدروا به وقطعوه بالسيوف، ولم ينفعه أهله وعشيرته، فخسر أمان الدنيا وأمان الآخرة (2).
* الدروس المستفادة هنا:
1 - دراسة شخصية المشبوهين في النصيحة.
2 - إعطاء الجواب على طريقة الدوران بين جانبين واحتمالين.
3 - الذكاء في التصرف مع النصيحة الخادعة.
4 - إن ميزان الوعي الإيماني يكفل بالتفريق واكتشاف الناصح الأمين والناصح الماكر.
E / في فن الحوار وتبادل الكلام كان عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر مقيمين في مكة حينما أقبل الإمام الحسين إليها، وقد خفا لإستقباله والتشرف بخدمته، وكانا قد عزما على مغادرة مكة، فقال له ابن عمر - يريد التثبط من عزمه على الثورة -!