من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٧٤
أليس الهدف من الإعجاز إقناع الناس بالحق الذي جاء به الأنبياء؟! فإذا كان ما يدعو إليه الأئمة هو عين ما يدعو إليه الأنبياء، فأي بعد في دعم هؤلاء بما دعم به أولئك؟! من دون تقصير في حق أولئك، ولا مغالاة في قدر هؤلاء!
ومهما كان فإن الحسين (عليه السلام) لما خرج من المدينة يريد مكة مر بابن مطيع، وهو يحفر بئره، وجرى بينهما حديث عن مسير الإمام، وجاء في نهايته:
قال ابن مطيع: إن بئري هذه قد رشحتها، وهذا اليوم أوان ما خرج إلينا في الدلو شئ من الماء، فلو دعوت الله لنا فيها بالبركة.
قال (عليه السلام): هات من مائها. فاتي من مائها في الدلو، فشرب منه، ثم تمضمض، ثم رده في البئر، فأعذب وأمهى.
وهذا من الحسين (عليه السلام) أيضا غيض، وهو معدن الكرم والفيض. إلا أن حديث الماء، والحسين في طريقه إلى كربلاء، فيه عبرة، تستدر العبرة:
فهل هي إشارات غيبية إلى أن الحسين سيواجه المنع من الماء، وسيقتل " عطشا " وهو منبع البركة، من فيض فمه يعذب الماء وينفجر ينبوعه؟! (1).
* الدروس المستفادة هنا:
1 - مزج الأخلاق بالعقيدة، أي قضاء الحاجة للمؤمن بالمعجزة.
2 - أهمية بيان الشخصية لتثبيت الحق وتكريس القيم الأخلاقية.
E / في العدل والإنصاف في طريقه إلى كربلاء أقبل الحسين (عليه السلام) حتى مر بالتنعيم، فلقى بها عيرا قد أقبل بها من اليمن، بعث بها بحير بن ريسان الحميري إلى يزيد بن معاوية - وكان عامله على اليمن - وعلى العير الورس والحلل ينطلق بها إلى يزيد، فأخذها الحسين (عليه السلام) فانطلق بها.
ثم قال لأصحاب الإبل: " لا أكرهكم، من أحب أن يمضي معنا إلى العراق أوفينا كراءه وأحسنا صحبته، ومن أحب أن يفارقنا من مكاننا هذا أعطيناه من الكراء على قدر ما قطع من الأرض ".

1 - الحسين (عليه السلام) سماته وسيرته: ص 90 - 91.
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»