الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيا ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كلهم كأنهم لم يصنعوا شيئا، فلم يعجل الله عليهم ثم أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر ".
وهنا أقبل الحسين على ابن عباس، فعهد إليه بهذه الوصية قائلا: " وأنت يا ابن عباس ابن عم أبي، لم تزل تأمر بالخير منذ عرفتك، وكنت مع أبي تشير عليه بما فيه الرشاد والسداد، وقد كان أبي يستصحبك ويستنصحك ويستشيرك، وتشير عليه بالصواب، فامض إلى المدينة في حفظ الله، ولا تخف علي شيئا من أخبارك، فاني مستوطن هذا الحرم، ومقيم به ما رأيت أهله يجيبونني وينصرونني، فإذا هم خذلوني استبدلت بهم غيرهم، واستعصمت بالكلمة التي قالها إبراهيم يوم القي في النار * (حسبي الله ونعم الوكيل) * فكانت النار عليه بردا وسلاما.. (1).
تكشف هذه المحاورة عن تصميم الإمام على الثورة، وعزمه على مناجزة يزيد لأنه لا يتركه وشأنه، فإما أن يبايع، وبذلك يذل هو ويذل الإسلام وتستباح حرماته، وإما أن يقتل عزيزا كريما، فاختار المنية للحفاظ على كرامته وكرامة الأمة ومقدساتها. ولكن الحسين (عليه السلام) رغم عزمه الراسخ تجده يفتح سمعه على الرأي الآخر، فيحترم صاحبه دون الإساءة إليه بشطر كلمة. وهذا ما لم يلتزم به أكثر الناس بما فيهم شيعة الحسين، أسفا عليهم!
* الدروس المستفادة هنا:
1 - الحوار دليل قوة، لذا لا يخاف القوي من أي حوار إذا ما وجد فيه نفعا ولو على مستوى بيان الحقيقة للتاريخ.
2 - إن من مبادئ الحوار أن تصغي إلى كلام الطرف الآخر وتكشف له ثغرات رأيه بمنطقك الحكيم.
E / في احترام حرمة الحرم الشريف إذا كان الظالمون لا يلتزمون للكعبة والحرم بأية حرمة، ويستعدون لقتل النفوس البريئة فيه، وهتك الأعراض في ساحته، وحتى لهدمه وإحراقه، كما أحدثوه في تاريخهم