2 - توقير الكبار في السن وتلطيف الحديث معهم مبدأ أخلاقي رفيع.
3 - التسليم لله مقدم على العواطف العائلية، وتجاوزها لابد فيه من الحكمة واللين.
E / في توقير الكبار قد يعتقد الانسان بصحة رأيه، ويعارضه من هو أكبر منه سنا لأسباب المحبة والعطف وعدم معرفة الحقيقة بتفاصيلها. فيكون المطلوب في هذه الحالة من الانسان العاقل توظيف أخلاقه الحميدة لإقناع المعارض برأيه.
هذا ما تقرؤه في الموقف التالي للامام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وذلك لما عزم على الخروج من المدينة حيث أتته أم سلمة (رضي الله عنها) فقالت: يا بني! لا تحزني بخروجك إلى العراق، فإني سمعت جدك يقول: يقتل ولدي الحسين بأرض العراق، في أرض يقال لها كربلاء فقال لها: يا أماه! وأنا والله أعلم ذلك، وإني مقتول لا محالة، وليس لي من هذا بد، وإني والله لأعرف اليوم الذي أقتل فيه، وأعرف من يقتلني، وأعرف البقعة التي أدفن فيها، وإني أعرف من يقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي، وإن أردت يا أماه أريك حفرتي ومضجعي.
ثم أشار (عليه السلام) إلى جهة كربلاء فانخفضت الأرض حتى أراها مضجعه ومدفنه وموضع عسكره وموقفه ومشهده.. فعند ذلك بكت أم سلمة بكاء شديدا، وسلمت أمره إلى الله.
فقال لها: يا أماه! قد شاء الله عز وجل أن يراني مقتولا مذبوحا ظلما وعدوانا، وقد شاء أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشردين، وأطفالي مذبوحين مظلومين، مأسورين مقيدين، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصرا ولا معينا (1).
نعم، إن الأخلاق الطيبة تبعث في الانسان رزانة وحكمة وصلابة، وهكذا يكون قد التزم بالمبدأ الأخلاقي القاضي بتوقير الكبار، وكذلك مبدأ عدم التنازل عن الرأي الأصوب. ففي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) ورد أن " أهل الأرض لمرحومون ما تحابوا، وأدوا الأمانة وعملوا بالحق " (2).