ولا آمن عليك أن يقاتلك من وعدك نصره ومن أنت أحب إليه ممن يقاتلك معه.
فقال الحسين (عليه السلام): " جزاك الله خيرا يا ابن عم، فقد والله علمت أنك مشيت بنصح وتكلمت بعقل، ومهما يقض من أمر يكن، أخذت برأيك أو تركته، فأنت عندي أحمد مشير وأنصح ناصح ". (1) يدلك هذا الحوار وهذه الكلمة الحسينية المؤدبة على أن الناصح مهما كان فان من حقه أن تصغي إلى نصيحته احتراما لقصده الصالح وتشجيعا لكل ناصح مثله في الآتي، ولكي لا تقتل النصيحة في مهدها.
فالاستماع إلى الرأي الآخر إذن من أخلاق الأحرار الواعين لمسيرتهم والواثقين من أنفسهم والمخلصين لربهم، إذ لا مصلحة شخصية تدفعهم في حركتهم ومواقفهم، هذا وعلى صفحة أخرى فهم يريدون بهذه الأخلاقية إثباتا عمليا لمكافحة الاستبداد المهلك للمجتمع، ولا أجدني بحاجة إلى شرح أكبر إشكالية تعانيها أكثر الجماعات الاسلامية في عصرنا، هي إشكالية الاستبداد الذي أوردهم إلى المشاكل والمهالك وفيهم مع الأسف بعض دعاة السير على خط الحسين أيضا!
أرجو أن ينتبهوا إلى أخلاق الحسين (عليه السلام) بهذا الخصوص، مع العلم أنه المعصوم المستمد عبر السماء الملهم، فلا يرى مع وضوح الحق مبررا للإستبداد برأيه، فمن إهتدى فقد إهتدى لنفسه ومن ضل فقد أضر بنفسه، إلا إذا أراد الضرر بغيره أيضا فلابد من الوقوف بوجهه اعتمادا على الحكمة البالغة لقطع الطريق على الإضرار بالغير.
* الدروس المستفادة هنا:
1 - الحوار وتبادل الرأي والسماح للآخرين بإدلاء آرائهم مهما كانت مرفوضة أمر أخلاقي جميل.