ولو كان أحد سوى الإمام الحسين (عليه السلام) لخنع مجاملة أو خجلا ولكن الإمام أبي الضيم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أما بعد: يا معاوية فلن يؤدي المادح وإن أطنب في صفة الرسول (صلى الله عليه وآله) من جميع جزءا، وقد فهمت ما لبست به الخلف بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من إيجاز الصفة، والتنكب عن إستبلاغ النعت، وهيهات هيهات يا معاوية!!... ولقد فضلت حتى أفرطت، واستأثرت حتى أجحفت، ومنعت حتى بخلت، وجرت حتى جاوزت، ما بذلت لذي حق من اسم حقه من نصيب، حتى أخذ الشيطان حظه الأوفر، ونصيبه الأكمل. وفهمت ما ذكرته عن يزيد من إكتماله، وسياسته لامة محمد (صلى الله عليه وآله) تريد أن توهم الناس في يزيد كأنك تصف محجوبا أو تنعت غائبا، أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص، وقد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخذ ليزيد فيما أخذ به من إستقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش، والحمام السبق لأترابهن، والقيان ذوات المعازف، وضروب الملاهي تجده ناصرا. ودع عنك ما تحاول: فما أغناك أن تلقى الله بوزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه، فوالله ما برحت تقدح باطلا في جور، وحنقا في ظلم، حتى ملأت الأسقية، وما بينك وبين الموت إلا غمضة فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود، ولات حين مناص... " وذهل معاوية من خطاب الإمام، وضاقت عليه جميع السبل فقال لابن عباس: ما هذا يا ابن عباس؟.
فقال ابن عباس: لعمر الله إنها لذرية الرسول (صلى الله عليه وآله) وأحد أصحاب الكساء، ومن البيت المطهر... (1).
ونهض الحسين (عليه السلام) أبي الضيم وترك معاوية يتميز من الغيظ، وقد إستبان له أنه لا يتمكن أن يخدع الإمام الحسين ويأخذ البيعة منه. وهذه الشجاعة من ونهض الحسين (عليه السلام) أبي الضيم وترك معاوية يتميز من الغيظ وقد إستبان له أنه لا يتمكن أن يخدع الام الحسين (عليه السلام) ويأخذ البيعة منه. وهذه الشجاعة من ملازمات الايمان الحقيقي بالله والأخلاق الإلهية التي لا تعطب عند بريق الماديات. وهكذا نقرأ في الجغرافية الأخلاقية عند الإمام الحسين (عليه السلام) أن لا مجاملة على حساب القيم الاسلامية.