من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٦٣
الحزينة، فطافت بهم الآلام، وأيقنوا بنزول الرزء القاصم ووصف المؤرخون شدة حزنهم، بأنه لم يكن في ذلك اليوم لا في شرق الأرض ولا في غربها أشد غما من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا أكثر باكية وباك منهم.
ثم توجه الحسين (عليه السلام) في غلس الليل البهيم إلى قبر امه وديعة النبي (صلى الله عليه وآله) وبضعته، ووقف أمام قبرها الشريف مليا، وهو يلقي عليه نظرات الوداع الأخير، وقد تمثلت أمامه عواطفها الفياضة، وشدة حنوها عليه، وقد ود أن تنشق الأرض لتواريه معها، وانفجر بالبكاء، وودع القبر وداعا حارا، ثم انصرف إلى قبر أخيه الزكي أبي محمد، فأخذ يروي ثرى القبر من دموع عينيه، وقد ألمت به الآلام والأحزان، ثم رجع إلى منزله، وهو غارق بالأسى والشجون (1).
إن هذه السلوكيات المليئة بالعواطف الجياشة لا تصدر إلا ممن عاشوا في أسرة متماسكة بالحب والاحترام وكانوا مع الأخلاق في قمم محاسنها وقلل مكارمها، هكذا كان محمد (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته.
* الدروس المستفادة هنا:
1 - لابد للعائلة المسلمة أن تزرع في قلوب أبنائها الحب والتماسك ليظهر أثره في كل الحالات والأزمات.
2 - تعني الوداع مع الأحبة مفردة أخلاقية يفرزها الحب بينهم.
3 - في الأزمات العاصفة بالمؤمن لابد له أن يتضرع إلى الله القوي العزيز بالتوسل إلى النبي وأهل بيته (عليهم السلام).
E / في أدب الوصية والوداع إذا أردت سفرا يحمل في أبعاده وآفاقه أهدافا كبيرة على كافة المستويات عليك أن توصي بما يحفظ تلك الأهداف من الدس والتزوير، هذه الأخلاقية تنبع من الأمانة وحب الخير، وذلك ما علمنا الإمام الحسين (عليه السلام) حينما كتب وصيته في مدينة جده الرسول وقدمها إلى أخيه محمد بن الحنفية عند وداعه الساخن معه.

1 - حياة الإمام الحسين (عليه السلام) ج 2 ص 259 - 261.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»