من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٦٢
2 - ليس بالضرورة الإفصاح عن أسرارك ان لم يكن طرفك ذا حاجة إلى الإفصاح عنها.
E / في الوداع مع الأحبة خف الحسين (عليه السلام) في الليلة الثانية إلى قبر جده (صلى الله عليه وآله) وهو حزين كئيب ليشكو إليه ظلم الظالمين له، ووقف أمام القبر الشريف - بعد أن صلى ركعتين - وقد ثارت مشاعره وعواطفه، فاندفع يشكو إلى الله ما ألم به من المحن والخطوب قائلا: " اللهم إن هذا قبر نبيك محمد، وأنا ابن بنت محمد، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، اللهم إني أحب المعروف وأنكر المنكر، وأنا أسألك يا ذا الجلال والإكرام بحق هذا القبر ومن فيه إلا ما اخترت لي ما هو لك رضي ولرسولك رضي ".
وأخذ الحسين يطيل النظر إلى قبر جده، وقد وثقت نفسه أنه لا يتمتع برؤيته، وانفجر بالبكاء، وقبل أن يندلع نور الفجر غلبه النوم فرأى جده الرسول (صلى الله عليه وآله) قد أقبل في كتيبة من الملائكة، فضم الحسين إلى صدره، وقبل ما بين عينيه، وهو يقول له: " يا بني كأنك عن قريب أراك مقتولا مذبوحا بأرض كرب وبلاء، بين عصابة من أمتي، وأنت مع ذلك عطشان لا تسقى، وظمآن لا تروى، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي يوم القيامة، فما لهم عند الله من خلاق. حبيبي يا حسين إن أباك وأمك وأخاك قد قدموا علي، وهم إليك مشتاقون، إن لك في الجنة درجات لن تنالها إلا بالشهادة.. ".
وجعل الحسين يطيل النظر إلى جده (صلى الله عليه وآله) ويذكر عطفه وحنانه عليه فازداد وجيبه وتمثلت أمامه المحن الكبرى التي يعانيها من الحكم الأموي، فهو إما أن يبايع فاجر بني أمية أو يقتل، وأخذ يتوسل إلى جده ويتضرع إليه قائلا: " يا جداه لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا، فخذني إليك، وأدخلني معك إلى منزلك ".
والتاع النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له: " لابد لك من الرجوع إلى الدنيا، حتى ترزق الشهادة، وما كتب الله لك فيها من الثواب العظيم فإنك وأباك وأخاك وعمك وعم أبيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حتى تدخلوا الجنة ".
واستيقظ الحسين فزعا مرعوبا قد ألمت به تيارات من الأسى والأحزان وصار على يقين لا يخامره أدنى شك انه لابد أن يرزق الشهادة، وجمع أهل بيته فقص عليهم رؤياه
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»