من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٦٠
E / في الاستماع إلى الرأي الآخر لقد علمنا الحسين (عليه السلام) في أخلاقياته الرسالية أن الإنسان مهما كان مقتنعا بأفكاره وقراراته ينبغي له أن لا يسد نافذته على الآخرين ليدلوا بآرائهم له، لأن الاستماع إلى الرأي الآخر قيمة مستقلة بذاتها، والحسين بكل كيانه الرشيد نهضة لإحياء القيم الفاضلة كلها.
من هذه الزاوية فقد روى المؤرخون أن الإمام الحسين (عليه السلام) لما سار إلى مكة استقبله عبد الله بن مطيع العدوي - فقال: أين تريد أبا عبد الله جعلني الله فداك؟!
قال: " أما في وقتي هذا أريد مكة، فإذا صرت إليها استخرت الله تعالى في أمري بعد ذلك ".
فقال له عبد الله بن مطيع: خار الله لك يا ابن بنت رسول الله فيما قد عزمت عليه، غير أني أشير عليك بمشورة فاقبلها مني.
فقال له الحسين (عليه السلام): " وما هي يا ابن مطيع "؟
قال: إذا أتيت مكة فاحذر أن يغرك أهل الكوفة، فيها قتل أبوك وأخوك بطعنة طعنوه كادت أن تأتي على نفسه، فالزم الحرم، فأنت سيد العرب في دهرك هذا، فوالله لئن هلكت ليهلكن أهل بيتك بهلاكك، والسلام.
فودعه الحسين (عليه السلام) ودعا له بخير. (1) وروى الدينوري: أن الإمام (عليه السلام) قال لابن مطيع: " يقضي الله ما أحب ". (2) وروى عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي: لما قدمت كتب أهل العراق إلى الحسين (عليه السلام) تهيأ للمسير إلى العراق، أتيته فدخلت عليه وهو بمكة، فحمدت الله وأثنيت عليه ثم قلت: أما بعد، فاني أتيتك يا ابن عم لحاجة أريد ذكرها لك نصيحة، فإن كنت ترى أنك تستنصحني، وإلا كففت عما أريد أن أقول.
فقال الحسين (عليه السلام): " قل فوالله ما أظنك بسئ الرأي، ولا هو للقبيح من الامر والفعل ".
قلت له: إنه قد بلغني أنك تريد المسير إلى العراق وإني مشفق عليك من مسيرك، إنك تأتي بلدا فيه عماله وأمراؤه ومعهم بيوت الأموال، وإنما الناس عبيد لهذا الدرهم والدينار،

١ - الفتوح ٥: ٢٥، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي ١: ١٨٩ وأنساب الأشراف ٣: ١٥٥.
٢ - الأخبار الطوال: ٢٢٩.
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»