من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٥٧
خدمي وأنصاري وأهل الحق من شيعتي، ثم آمرهم أن يأخذ كل واحد سيفه مسلولا تحت ثيابه، ثم يصيروا بإزائي، فإذا أنا أومأت إليهم وقلت: يا آل الرسول ادخلوا!
دخلوا وفعلوا ما أمرتهم به، فأكون على الامتناع، ولا أعطي المقادة والمذلة من نفسي، فقد علمت والله أنه جاء من الامر مالا قوام به، ولكن قضاء الله ماض في، وهو الذي يفعل في بيت رسوله (صلى الله عليه وآله) ما يشاء ويرضى ". (1) قال ابن الزبير: فإني أخافه عليك إذا دخلت.
قال (عليه السلام): " لا آتيه إلا وأنا على الامتناع قادر ". (2) ثم صار الحسين بن علي (عليهما السلام) إلى منزله، ثم دعا بماء، فلبس وتطهر بالماء وقام فصلى ركعتين ودعا ربه بما أحب في صلاته، فلما فرغ من ذلك قال لمن حوله من أهل بيته: إذا أنا دخلت على الوليد وخاطبته وخاطبني وناظرته وناظرني كونوا على الباب، فإذا سمعتم الصيحة قد علت والأصوات قد ارتفعت فاهجموا إلى الدار ولا تقتلوا أحدا ولا تثيروا إلى الفتنة. (3) أجل، هل رأيت أخلاقية سلمية تنظيمية دفاعية أعظم من هذه الأخلاقية الحكيمة؟
فهو يعتمد المناظرة رغم موقفه الثابت من الطاغوت، وينظم رجالا في الدفاع دون سفك دم ولا إثارة فتنة، وهكذا كان الحسين (عليه السلام) يمتلك روحا إيمانية قوية، وقلبا مطمئنا، وعلما وافرا، وحكمة وشجاعة. هذه الخصال والأسس تكفل في كل عصر النجاح للانسان الهادف بناء الموقف الشرعي في إطاره الأخلاقي الحكيم.
* الدروس المستفادة هنا:
1 - احتقار الظالم ومندوبه مبدأ من مبادئ العزة في الأخلاق الإسلامية.
2 - التنظيم والتخطيط في العمل شرط من شروط النجاح.

١ الفتوح ٥: ١٢، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي ١: ١٨٢ وفيه عوض " لا أعطي "، " دون " وبدل " قضاء الله " " قدر الله ".
٢ - تاريخ الطبري ٣: ٢٧٠، الكامل في التاريخ ٢: ٥٣٠ وفيه: " وأجلسهم على الباب وأدخل عليه "، وقعة الطف، ٨٠.
٣ - المناقب لابن شهرآشوب 4: 88.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»