من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٥٠
فاجتمع إليه بمنى أكثر من سبعمائة رجل وهم في سرادق، عامتهم من التابعين، ونحو من مائتي رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فقام فيهم خطيبا " فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أما بعد: فان هذا الطاغية - يعني معاوية - قد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رأيتم، وعلمتم وشهدتم، واني أريد أن أسألكم عن شئ فإن صدقت فصدقوني، وإن كذبت فكذبوني، اسمعوا مقالتي، واكتبوا قولي، ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم، فمن أمنتم من الناس، ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون من حقنا، فاني أتخوف أن يدرس هذا الأمر ويغلب، والله متم نوره ولو كره الكافرون ".
- يقول الراوي -: وما ترك شيئا مما أنزله الله فيهم من القرآن إلا تلاه وفسره، ولا شيئا مما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أبيه وأخيه وفي نفسه وأهل بيته إلا رواه.
وفي كل ذلك كان يقول أصحابه: اللهم نعم، قد سمعنا وشهدنا، ويقول التابعي: اللهم قد حدثني به من أصدقه وأئتمنه من الصحابة فقال (عليه السلام): " أنشدكم الله إلا حدثتم به من تثقون به وبدينه.. ".
وكان هذا المؤتمر أول مؤتمر إسلامي عرفه المسلمون بعد مؤتمر يوم الغدير الذي جمع النبي (صلى الله عليه وآله) المسلمين في حجة الوداع. وهكذا قد شجب الإمام الحسين (عليه السلام) سياسة معاوية ودعا المسلمين لإشاعة فضائل أهل البيت (عليهم السلام)، وإذاعة مآثرهم التي حاولت السلطة الأموية حجبها عن المسلمين (1).
وترى في هذا الموقف أخلاقية الدعوة إلى الحق، والحكمة العملية في الإقناع بالدليل والمنطق العذب. فقد جمعهم الحسين (عليه السلام) وتواضع لهم في الحديث قائلا: " أريد أن أسألكم عن شئ فإن صدقت فصدقوني وإن كذبت فكذبوني ".
هكذا هم أهل الحق لا يشكون في أنفسهم أنهم على حق، ولكنهم يريدون الالتزام بالأخلاق لتبقى هذه القيم هدفا ساميا في الحياة.
نعم.. وهذه طريقة الحسين الأخلاقية في التذكير بالحق والقيم الإيمانية واعتماد التوعية الجماهيرية، وبذلك يعلم الحسين (عليه السلام) الخطباء والعلماء والموجهين والحكام قيمة المبادئ الحقة وقيمة الناس، فذلك أقرب إلى التقوى.

1 - حياة الإمام الحسين (عليه السلام) ج 2 ص 228 - 229.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»