فهي عبادات فارغة عن الهدف وليست ذات قيمة كبيرة عند الله مهما أطال العابد عليها عكوفه.
E / في الوفاء وأفضل الجهاد وأدب الخطاب رفع جواسيس معاوية بن أبي سفيان تقريرا على الإمام الحسين (عليه السلام) بعد استشهاد أخيه الإمام الحسن (عليه السلام) - علما أن التجسس من أبرز الرذائل الأخلاقية التي نهى عنها القرآن بصريح قوله تعالى * (ولا تجسسوا...) * وكيف إذا كانت هذه الرذيلة تستهدف الحسين (عليه السلام) - فكتب معاوية - على ضوء التقرير - رسالة إلى الإمام الحسين (عليه السلام) يهدده من أي تحرك (1)، فرد عليه الإمام الحسين (عليه السلام) بمذكرة خطيرة كانت جوابا لرسالته، حمله مسؤولية جميع ما وقع في بلاد المسلمين من سفك الدماء، وفقدان الأمن، وتعريض الأمة للأزمات، وهي من أروع الوثائق الرسمية التي حفلت بذكر الأحداث التي صدرت من معاوية، وهذا نصها:
" أما بعد: فقد بلغني كتابك تذكر فيه أنه بلغك عني أمور ترغب عنها، فإن كانت حقا لم تقارني عليها، ولن يهدي إلى الحسنات ولا يسدد لها إلا الله تعالى.
أما ما نمي إليك فإنما رقاه إليك الملاقون المشاؤون بالنمائم، المفرقون بين الجمع، وما أريد حربا لك، ولا خلافا عليك، وأيم الله لقد تركت ذلك، وأنا أخاف في تركه وما أظن الله راضيا مني بترك محاكمتك إليه ولا عاذري دون الاعتذار إليه فيك وفي أوليائك القاسطين الملحدين حزب الظالمين وأولياء الشياطين.
ألست قاتل حجر بن عدي وأصحابه المصلين العابدين الذين ينكرون الظلم، ويستعظمون البدع، ولا يخافون في الله لومة لائم ظلما وعدوانا، بعد ما إعطائهم الأمان بالمواثيق والأيمان المغلظة؟!
أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي أبلته العبادة فصفرت لونه، وأنحلت جسمه، بعد أن أمنته وأعطيته من عهود الله عز وجل وميثاقه ما لو أعطيته العصم ففهمته لنزلت إليك من شعف الجبال، ثم قتلته جرأة على الله عز وجل واستخفافا بذلك العهد.