من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٤٥
E / في أدب العطاء وجميل التواضع وفد على الإمام (عليه السلام) سائل فقرع الباب وأنشأ يقول:
لم يخب اليوم من رجاك ومن * حرك من خلف بابك الحلقة أنت ذو الجود أنت معدنه * أبوك قد كان قاتل الفسقة وكان الإمام - الحسين (عليه السلام) - واقفا يصلي فخف من صلاته، وخرج إلى الأعرابي فرأى عليه أثر الفاقة، فرجع ونادى بقنبر - خادمه الولائي الوفي - فلما مثل عنده قال له: " ما تبقى من نفقتنا؟ " قال: مائتا درهم أمرتني بتفرقتها - أي توزيعها - في أهل بيتك.
فقال: هاتها فقد أتى من هو أحق بها منهم، فأخذها ودفعها إلى الأعرابي معتذرا منه وهو ينشد هذه الأبيات:
خذها فاني إليك معتذر * واعلم بأني عليك ذو شفقة لو كان في سيرنا عصا تمد إذن * كانت سمانا عليك مندفقة لكن ريب المنون ذو نكد * والكف منا قليلة النفقة فأخذها الأعرابي شاكرا وداعيا له بالخير، وانبرى مادحا له:
مطهرون نقيات جيوبهم * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا وأنتم أنتم الأعلون عندكم * علم الكتاب وما جاءت به السور من لم يكن علويا حين تنسبه * فما له في جميع الناس مفتخر (1) * الدروس المستفادة هنا:
1 - الإنفاق مع الاعتذار يعني أن المال ليس ملكا خاصا بيد المؤمن بالله المالك لكل شئ، بل هو عارية بيده لينتفع به من أجل سعادته الدنيوية والأخروية، بما في ذلك إنفاقه في سبيل الله لنفس الهدف.
2 - النظرة الإلهية إلى المال والإنفاق تلازم التواضع في العطاء للسائل.
3 - إن الصلاة والعبادة الشخصية يجب أن تصب في قنوات الأخلاق الاجتماعية، وإلا

1 - حياة الإمام الحسين (عليه السلام) ج 1 ص 131.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»