من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٤٧
أولست المدعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد عبد ثقيف، وزعمت أنه ابن أبيك، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الولد للفراش وللعاهر الحجر، فتركت سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخالفت أمره متعمدا، واتبعت هواك مكذبا بغير هدى من الله، ثم سلطته على العراقين فقطع أيدي المسلمين، وسمل أعينهم، وصلبهم على جذوع النخل، كأنك لست من هذه الأمة وكأنها ليست منك. وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " من ألحق بقوم نسبا ليس لهم فهو ملعون ".
أولست صاحب (قاتل) الحضرميين الذين كتب إليك ابن سمية أنهم على دين علي، فكتبت إليه أن اقتل من كان على دين علي ورأيه، فقتلهم، ومثل بهم بأمرك، ودين علي هو دين محمد (صلى الله عليه وآله) الذي كان يضرب عليه أباك، والذي إنتحالك إياه أجلسك مجلسك هذا ولولاهموا كان شرفك تجشم الرحلتين في طلب الخمور!
وقلت: انظر لنفسك ودينك والأمة واتق شق عصا هذه الأمة، وان ترد الناس إلى الفتنة.
فلا أعرف فتنة أعظم من ولايتك أمر هذه الأمة، ولا أعلم نظرا لنفسي وديني أفضل من جهادك، فإن أفعله فهو قربة إلى ربي، وإن أتركه فذنب أستغفر الله منه في كثير من تقصيري، وأسأل الله توفيقي لأرشد أموري.
وقلت فيما تقول: إن أنكرك تنكرني، وإن أكدك تكدني، وهل رأيك إلا كيد الصالحين منذ خلقت؟! فكدني ما بدا لك. فاني أرجو أن لا يضرني كيدك، وأن لا يكون على أحد أضر منه على نفسك، على أنك تكيد فتوقظ عدوك وتوبق نفسك، كفعلك بهؤلاء الذين قتلتهم ومثلت بهم بعد الصلح والأيمان والعهد والميثاق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قتلوا إلا لذكرهم فضلنا وتعظيمهم حقنا بما شرفت وعرفت، مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوه، أو ماتوا قبل أن يدركوه.
فأبشر يا معاوية بالقصاص، وأيقن بالحساب، واعلم أن لله كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. وليس الله بناس لك أخذك بالظنة وقتلك أولياءه على الشبهة والتهمة، ونفيك إياهم من دار الهجرة إلى الغربة والوحشة، وأخذك الناس ببيعة
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»