من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٤١
المتخلفين عن بيعة أبيه الإمام علي (عليه السلام)، فلم يجازيه بالمثل وإنما أغدق عليه بالإحسان (1).
وهذه من نبل الخصال الحسنة التي أفلت عن حياة المسلمين الذين يختلفون مع بعضهم في المسائل الفرعية وعلى أتفه الأسباب المضحكة، وهي تستدعي البكاء بدل الضحك، بينما الإمام الحسين (عليه السلام) وهو مختلف مع أسامة في مسألة من أهم الأصول العقائدية والسياسية قد تقدم لعيادته وتبرع بتسديد دينه، ويا ليت المختلفين يكونوا دائما شرفاء كالحسين بن علي (عليه السلام) لا كما هم يسلكون.
* الدروس المستفادة هنا:
1 - ان الخلافات بين المسلمين يجب أن لا تقطع عليهم حبل التواصل الأخلاقي، فالقيم أرفع من خلافات الرأي حتى في القضايا الدينية.
2 - المال وسيلة للإصلاح وتأليف القلوب وليس هدفا قائما بذاته.
3 - لابد من النظر إلى سوابق الفرد المشرقة والوقوف معه في حل أزمته دون الحساب للخلافات الشخصية.
E / في رد التحية بأحسن منها روى أنس قال: كنت عند الحسين فدخلت عليه جارية بيدها طاقة ريحان، فحيته بها، فقال لها: أنت حرة لوجه الله تعالى.
وبهر أنس، فانصرف يقول: جارية تجيئك بطاقة ريحان، فتعتقها؟!!
فقال الحسين (عليه السلام): - كذا أدبنا الله، قال تبارك وتعالى: * (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) *، وكان أحسن منها عتقها (2).
وبهذا السخاء والخلق الرفيع كان الحسين (عليه السلام) يملك قلوب المسلمين حتى هاموا بحبه وولائه، إنه الانتصار الحقيقي الكبير حتى ولو كانوا مغلوبين على أمرهم كما يتصوره الطغاة المتجبرون والذين لا يفقهون القيم وخلودها.

١ - حياة الإمام الحسين (عليه السلام) ج ١ ص ١٢٩ نقلا عن أعيان الشيعة ج ٤ ص ١٠٤.
2 - حياة الإمام الحسين (عليه السلام) ج 1 ص 129 نقلا عن الفصول المهمة لابن الصباغ ص 184.
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»