وهذه (الأولوية) هي جوهر الحاكمية وحقيقتها وليس لحاكمية أحد على آخر معنى غير تقديم وتحكيم إرادة الحاكم على المحكومين، عند تزاحم الإرادات.
وهذه الولاية ثابتة لأئمة المسلمين وولاة الأمور من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ما نفهمه من نص (الغدير) المعروف عندما سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جماهير المسلمين في (غدير خم) عند عودته من حجة الوداع: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه.
وواضح أن هذه الولاية التي يقررها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي من بعده هي نفسها الولاية التي منحها الله تعالى له في قوله عز شأنه: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم).
وهذه الولاية، وحق الطاعة، هي التي تذكرها الآية الكريمة لله ولرسوله ولأولي الأمر في سياق واحد في آية النساء: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) النساء: 59.
فلا معنى للولاية والحاكمية، كما ذكرنا، غير هذه الأولوية، وأولوية إرادة الحاكم على إرادة المحكوم ليست من المقولات التي تقبل التشكيك. فإن حقيقة كل (ولاية) هي تقديم إرادة الحاكم على المحكوم، وتحكيم إرادة الأول على الثاني.
مبدأ الاستناد إلى الحجة وإذا ثبتت هذه الحقائق، فلا بد في إثبات ولاية إنسان على الآخر من الاستناد إلى حجة قطعية لإسناد الولاية والحاكمية إلى شخص من جانب الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في نص عام أو خاص. ومن دون استناد هذه الولاية إلى الله تكون هذه الولاية من الولاية من دون الله تعالى وقد حرمها الله وحظرها على عباده يقول تعالى: