وليس بين مبدأ (التفويض) و (التوحيد) تقاطع مطلقا، كما كان ذلك في العلاقة بين (التوحيد) و (حق تقرير المصير) على الطريقة الديمقراطية.
إلا أن الشأن كل الشأن في وجود نص يدل على التفويض، بما يتطلبه من الصراحة ووثاقة السند. ولم نعثر نحن على مثل هذا النص، ولو كان لبان، كما يقول أهل العلم، ولم يطل الاختلاف في أمر الإمامة والولاية بين المسلمين إلى هذا الحد.
ومن عجب أن أمر شرعية الولاية السياسية في تاريخ الإسلام تعتمد مبدأ (الاختيار)، ومبدأ الاختيار قائم على أساس (التفويض).
وليس بين أيدينا نص صريح وصحيح يثبت هذا التخويل والتفويض من جانب الله تعالى.
عدم الدليل دليل العدم وإذا علمنا أن حق الولاية والسيادة والحكم لله تعالى فقط، ولا يشاركه فيه غيره، فلا يجوز أن ينتقل هذا الحق إلى أحد من الناس بغير إذن الله، وبدون تفويض صريح منه.
وما لم يثبت التفويض بدليل واضح من الله لا يحق لأحد من الناس أن يمارس سيادة وولاية على غيره.
ولما كانت فرضية التفويض أساسا لمبدأ الاختيار، فلا يمكن عادة أن يكون هناك نص في تفويض هذا الحق من الله تعالى إلى الناس، ويكون هذا النص هو أساس شرعية مبدأ الاختيار، ثم يضيع هذا النص فيما ضاع من تراثنا التشريعي.
فإن مثل هذا النص يكتسب أهمية كبرى، نظرا لأنه هو الأساس الوحيد