ونحن لا نريد أن ندخل في تفاصيل هذا البحث العميق في الإسلام، وإنما نريد فقط أن نقتصر في هذا البحث على العلاقة القائمة ما بين الإمام والرعية، وأن هذه العلاقة قائمة على أساس فكري واضح ومحدد، توضحه الآية السادسة من سورة الأحزاب المباركة، بصورة دقيقة، يقول تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم).
وهذا المعنى من (الأولوية) الثابتة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في محكم القرآن، هو الثابت لأئمة المسلمين من بعده.
ونحن نبحث عن معنى الولاية الثابتة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الآية المباركة، ثم نبحث عن انتقال هذه الولاية إلى أئمة المسلمين وولاة الأمر من بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
نظرة في آية الأحزاب الآية الكريمة السادسة من سورة الأحزاب واضحة في تشخيص وتحديد العلاقة التي تربط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الأمة: وهي علاقة الأولوية: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم).
ومعنى (الأولوية) تقديم إرادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمؤمنين على إرادة المؤمنين بأنفسهم. وهذا التقديم نستفيده بشكل واضح من صيغة أفعل التفضيل الواردة في الآية المباركة: (أولى).
وإنما يصح هذا التقديم عندما تتزاحم الإرادتان إرادة الحاكم وإرادة المحكوم، فتتقدم حينئذ إرادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على إرادة المؤمنين.
وهذه (الأولوية) هي (الولاية) الثابتة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الناس من جانب الله. ولم يذكر أحد لهذه الأولوية اسما غير (الولاية)، ولم ينف أحد هذه (الأولوية) عن ولاية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أمته.