مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٤١٣
فلا يصح التمسك بها في اثبات ايمان صحابي خاص وعدم نفاقه، أو حسن حاله إذا شك فيه، وان كان الخطيب يرى دلالتها على أكثر من هذا، فليبين لنا حتى ننظر فيه.
حكم من نفى الايمان عن بعض الصحابة أو سبب بعضهم عند أهل السنة لا حاجة إلى الإشارة إلى ما ورد في ذم سب المؤمن، فان هذا معلوم بالضرورة من الدين، وانكار أصل حرمته موجب للكفر، ولا شك في أن المناقشات الحادثة بين المسلمين مناقشات صغروية، مثل عدالة شخص أو ايمانه، أو فسقه أو نفاقه، فالنزاع في هذه الأمور وأشباهها يرجع إلى اثباتها بالأدلة الشرعية وعدمه، ويذهب كل من اختار أحد الطرفين إلى ما تقتضيه الأدلة باجتهاده، ولو علموا جميعا ثبوت شئ في الدين أو عدم ثبوته لم يختلفوا فيه، وقلما يوجد من حملته العصبية واللجاج على انكار الحق فلا ريب في أن أكثر المسلمين من الطائفة الأولى لا ينكرون ما ثبت عندهم بالأدلة الشرعية.
فمن أنكر من المسلمين أمرا يراه غيره من الدين لعدم اثباته عنده أو اثبات خلافه ليس كافرا ولا فاسقا، وإذا كان الحال هذا لا اعتراض على من قال الخطيب في ص 21 ان معنى كلامه ان أبا بكر وعمر لم يمحضا الايمان فلا يشملهما رضا الله، ولا يحكم بكفره وفسقه إذا كان ذلك منه عن اجتهاد وتأول، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث أخرجه البخاري في صحيحه -: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله اجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله اجر. وهذا ابن حزم يقول في كتابه الفصل: وذهبت طائفة إلى أنه لا يكفر ولا يفسق مسلم بقول قاله في اعتقاد أو فتيا، وان كل من اجتهد في شئ من ذلك فدان بما رأى أنه الحق فإنه مأجور على كل حال، وان أصاب فاجران وان أخطأ فاجر واحد (قال) وهذا قول ابن أبي ليلى وأبي حنيفة، والشافعي وسفيان الثوري، وداود بن علي، وهو قول كل من عرفنا له قولا في هذه المسألة من الصحابة لا نعلم منهم خلافا في ذلك أصلا.
وقال الفاضل النبهاني في أوائل كتاب (شواهد الحق) على ما حكى عنه: اعلم انى لا اعتقد ولا أقول بتكفير أحد من أهل القبلة لا الوهابية ولا غيرهم، وكلهم مسلمون
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»