سجلت ذلك مجلة (رسالة الاسلام) التي تصدرها دار التقريب في القاهرة، إذ نشرت في عددها الرابعة من السنة الرابعة صفحة 368 بقلم رئيس المحكمة العليا الشرعية الشيعية في لبنان، ويعدونه من ألمع علمائهم العصريين، مقالا عنوانه (من اجتهادات الشيعة الإمامية) نقل فيه عن مجتهدهم الشيخ محمد حسن الآشتياني انه قال في كتابه (بحر الفوائد) ج 1 ص 267: ان الرسول إذا أخبر عن الأحكام الشرعية أي مثل نواقض الوضوء واحكام الحيض والنفاس يجب تصديقه، والعمل بما أخبر به، وإذا أخبر عن الأمور الغيبية مثل خلق السماوات والأرض، والحور والقصور فلا يجب التدين به بعد العلم به (أي بعد العلم بصحة صدوره عن الرسول) فضلا عن الظن به (الخ).
ذكرنا عقيدة الشيعة في النبوة والإمامة، وان النبي ينص على الامام بأمر من الله، وانه تبع للنبي، والنبي مفضل عليه في جميع الكمالات، فالنبي كالأصل والامام فرعه، وليس في الشيعة من يستبيح لنفسه الشك فيما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله فضلا عن انكاره، سواء كان المخبر به من الأمور العادية كقيام زيد وقعود عمرو، أم من الأمور الدينية، فالنبي هو الصادق المصدق في جميع ما أخبر به، لأنه ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى، ومن أنكر أو أظهر الشك فيما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله من امر الغيب كخلق السماوات والأرض، وصفة الجنة والنار بعد حصول اليقين باخباره عنه كافر، لاشك عند الشيعة في كفره.
ولكن الخطيب حيث عجز عن فهم كلام العلامة الآشتياني، وكلام رئيس المحكمة العليا الشرعية في لبنان الذي هو من ألمع العلماء المجاهدين المعاصرين، حمله على ما يوافق هواه، وخاض في الافتراء والهذيان، فادعى ان الشيعة ينكرون على النبي صلى الله عليه وآله ما أوحى الله به من امر الغيب.
وحيث إن المسألة المبحوث عنها في كلام المحقق الآشتياني في نفسها من المسائل العلمية النظرية لا باس بالإشارة إليها هنا حتى يعلم أن الأولى للخطيب ونظرائه عدم الخوض في هذه المسائل، وايكال البحث عنها إلى أهلها.
فنقول في توضيح ما افاده الآشتياني:
ان ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله على قسمين: أحدهما ما يكون من الأمور العادية كقيام زيد ومجئ عمرو، ولا يكون مرتبطا بالدين لا بأموره الاعتقادية، ولا بأحكامه الشرعية، ولا بأحكامه العملية، كالصلاة والصوم والحج وغيرها.