وفصاحته، اجتمع لعلى في هذا الكتاب ما لم يجتمع لكبار الحكماء، وأفذاذ الفلاسفة، ونوابغ الربانيين من آيات الحكمة السامية، وقواعد السياسة المستقيمة، ومن كل موعظة باهرة، وحجة بالغة تشهد له بالفضل وحسن الأثر، خاض على في هذا الكتاب لجة العلم والسياسة والدين، فكان في كل هذه المسائل نابغة مبرزا، ولئن سالت عن مكان كتابه من العلم فليس في وسع الكاتب المسترسل، والخطيب المصقع، والشاعر المفلق ان يبلغ الغاية من وصفه، والنهاية من تقريظه، وحسبنا ان نقول انه الملتقى الفذ الذي التقى فيه جمال الحضارة وجزالة البداوة، والمنزل الفرد الذي اختارته الحقيقة لنفسها منزلا تطمئن فيه، وتأوى إليه بعد أن زلت به المنازل في كل لغة] ه.
[وهو كتاب يتجلى فيه روح شريفة يكسب القارئ في هذا الكتاب منها العصبية للحق، والشدة في الدين، والقصد في الحكمة والسياسة، وعندنا ان الذين يسمون إلى الاصلاح في هذا البلاد يجب عليهم ان يتخذوا هذا الكتاب إماما في اصلاحهم من جهاته اللغوية، والعلمية والدينية، وان الناشئين لو تأثروا هذا الكتاب في العبارة وصدق النظر لبلغوا من قوتي العقل واللسان تلك المنزلة التي نتمنى لهم ونود ان لو يصلون إليها في وقت قريب] والذي لا يعتريه الشك هو كون الجامع لهذا الكتاب الشريف الرضى، قد ثبت ذلك بالتواتر القطعي، وصرح به في غيره من تصانيفه كمجازات الآثار النبوية، وفى الجزء الخامس من تفسيره، ونسخة عصر الشريف موجودة، والتي وشحت بخطه الشريف ى مشهورة، لم يشترك معه أحد في جمعه لا الشريف المرتضى ولاغيره، وهذا غنى عن البيان.
ولا شك أيضا في أن الشريف الرضى اختار ما فيه من الخطب والكلمات المأثورة عن أمير المؤمنين عليه السلام في الكتب المعروفة، والأصول المعتمدة المعتبرة، وكانت هذه الخطب والكتب والكلمات وحتى الخطبة الشقشقية أيضا من خطب أمير المؤمنين عليه السلام