مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٤٠٢
وهذا الفضل بن شاذان العالم المحدث المتوفى قبل وفاة الامام أبى محمد الحسن العسكري عليه السلام، روى عنه في كتابه في الغيبة خبر ولادة ابنه المهدى، وكيفيتها وتاريخها، وكانت ولادته عليه السلام بين الشيعة وخواص أبيه من الأمور المعلومة المعروفة، وقد امر أبوه عليه السلام ان يعق عنه ثلاث مأة شاة، وعرضه على أصحابه يوم الثالث من ولادته، والأخبار الصحيحة الواردة باسناد عالية في ذلك كثيرة متواترة جدا، وقد أحصى بعض العلماء أسماء جماعة ممن فازوا بلقائه في حياة أبيه وبعدها كما قد نقل عن بعض أهل السنة الاجتماع به عليه السلام، بل اخرج بعض حفاظهم مثل حافظ زمانه أحمد بن محمد بن هاشم البلاذري الحديث عنه عليه السلام.
نعم كان أبوه وشيعته يسترون ولادته عن أعدائه من بنى عباس وغيرهم، وكان السر في ذلك أن بنى العباس لما علموا من الاخبار المروية عن النبي والأئمة من أهل البيت عليهم السلام ان المهدى هو الثاني عشر من الأئمة، وهو الذي يملأ الأرض عدلا، ويفتح حصون الضلالة، ويزيل دولة الجبابرة، أرادوا اطفاء نوره بقتله، فلذا عينوا العيون والجواسيس للتفتيش عن بيت أبيه، ولكن أبى الله الا ان يجرى في حجته المهدى سنة نبيه موسى عليهما السلام، وقد ورد في الروايات الكثيرة عن آبائه عليهم السلام خفا ولادته، ومشابهته في ذلك بموسى عليه السلام، فراجع الباب الثاني والثلاثين من الفصل الثاني من كتابنا منتخب الأثر.
فعلى هذا لم ينبعث الايمان بظهور المهدي عليه السلام الا من الايمان بنبوة جده محمد صلى الله عليه وآله، وليس في الخصوصيات المذكورة امر غير مألوف مما لم تجد مثله في هذه الأمة أو الأمم السالفة، فلابد لمن يؤمن بالله وبالنبي الصادق المصدق بعد العلم بهذه الأخبار الكثيرة الايمان بظهور المهدى المنتظر صاحب هذا النسب المعلوم، والسمات والنعوت المشهورة، ولا يجوز مؤاخذة الشيعي بانتظار هذا الظهور، ولا يصح دفع ذلك بمحض الاستبعاد.
فالمسلم الذي يؤمن بحياة عيسى، بل وحياة الدجال الكافر، وخروجه في آخر الزمان، وبحياة خضر وإدريس، ويروى عن نبيه في أصح كتبه في الحديث انه احتمل كون ابن صياد هو الدجال، ويروى عن تميم الداري ما هو صريح في أن الدجال
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»