مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٤١١
(ثم قال الخطيب): ومعنى ذلك أن أبا بكر وعمر لم يمحضا الايمان فلا يشملهما رضا الله.
نحن نسوق الكلام أولا فيما يستفاد من الآية، وثانيا في أن نفى الايمان عن بعض الصحابة إذا كان النافي مجتهدا متأولا هل يوجب الكفر أو الفسق عند أهل السنة أم لا، ونبحث في كلتا الجهتين من ناحيتهما العلمية.
اما الكلام في الآية الكريمة فلا شك في دلالتها على فضل بيعة الرضوان وفضل المؤمنين الذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وآله تحت الشجرة، ولكن لا دلالة لها على الرضا عن كل من بايعه حتى المنافقين الذين لا دافع لاحتمال دخول بعضهم في المبايعين.
فالحكم بالرضا عن شخص معين انما يصح إذا كان ايمانه محققا معلوما فلا يشمل من ليس مؤمنا وان كان من المبايعين، كما لا تشمل الآية المؤمن الذي لم يكن حاضرا تحت الشجرة فلم يبايع هناك، كما لا يجوز التمسك بالآية لاثبات ايمان بعض معين من المبايعين لو صار معرضا للشك، كائنا من كان، فإنه هو التمسك بعموم العام في الشبهة المصداقية الذي برهن في الأصول على عدم صحته، نعم لو قال: لقد رضى الله عن الذين بايعوك، تشمل كل من بايعه كائنا من كان وان شك في ايمانه، ولكن لا يجوز التمسك به فيمن شككنا في أصل بيعته، كما لا يثبت ايمان من شككنا في ايمانه بقوله (لقد رضى الله عن المؤمنين) وهذا كلام متين في غاية المتانة، ولذا سكت الخطيب عن جوابه.
وأيضا هذه الآية لا تدل على حسن خاتمة امر جميع المبايعين المؤمنين، وان فسق بعضهم أو نافق، لأنها لا تدل على أزيد من أن الله تعالى رضى عنهم ببيعتهم هذه، أي قبل عنهم هذه البيعة ويثيبهم عليها، وهذا مشروط بعدم احداث المانع من قبلهم.
والحاصل ان اتصاف الشخص بكونه مرضيا لا يكون الا بواسطة عمله المرضى، والعامل لا يتصف بنفسه بهذه الصفة، فهذه صفة تعرض الشخص بواسطة عمله، فإذا صدر عنه الفعل الحسن والعمل المرضى يوصف العامل بهذه الصفة أيضا، ولا دلالة للآية على أن من رضي الله عنه بواسطة عمله يكون مرضيا طول عمره، وان صدرت منه المعاصي الموبقة بعد ذلك، ورضا الله تعالى عن أهل بيعة الحديبية ليس مستلزما
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»